كلمة اليوم

لم تتوقف المشاريع السعودية في المشاعر المقدسة منذ الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- وحتى اللحظة، حتى في تلك الظروف التي تتأثر فيها موازنات الدولة بما يجري في الاقتصاد العالمي، حيث تحرص الحكومات السعودية المتعاقبة على أن تكون مشاريع الحرمين الشريفين وخدمات المقدسات، والتي تستهدف تيسير أعمال الحج، والتسهيل على الحجاج والمعتمرين فوق كل الاعتبارات أيا ما كان حجمها، حتى أن الإنفاق على تلك المشاريع يظل متاحا في الغالب، ولكن بمنأى عن الاستعراض لأن المملكة «حكومة وشعبا» تعتبر أن ما تنفقه على خدمة المشاعر واجب ديني لا مجال للنقاش فيه، ويستجيب المواطن مع حكومة بلاده في هذا التوجه عندما يهب الكثير من المحسنين لتمويل بعض المشاريع لخدمة الحجيج دون أن يُخضعوا مشاريعهم تلك لاستحقاقات الدعاية والإعلان خشية أن تفقد بوصلتها في الاتجاه إلى الله سبحانه وتعالى، وتبعا لهذه الرؤية فإن تلك المشاريع الحكومية والأهلية غالبا ما يتم الكشف عن أرقامها كمفردات فقط، دون أن يتم طرحها في سياقها كمتوالية، والذي لو تم فإنه بالتأكيد سيسجل أرقاما فلكية، لأن السخاء الذي تنطلق المملكة في رعايتها للمشاعر منه، ليس سخاء دنيويا، أو بحثا عن صيت أو سمعة، وإنما هو سخاء يتجه لإرضاء المولى الكريم الذي شرف هذه البلاد بخدمة الحرمين الشريفين، وشرف قيادتها بهذا الوسم الذي لا تضاهيه كل ألقاب الشرف في الدنيا.

والذي لا يذهب إلى مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والمشاعر المقدسة، لا يمكنه أن يستوعب بدقة حجم ما تنفقه هذه البلاد في سياق مسؤوليتها عن الحجيج، لأن الموجود على الأرض دائما هو أكبر مما يتم الحديث عنه، وأكبر مما تستوعبه عدسات الكاميرات وأجهزة الاتصالات، هذا فضلا عن أنك قد تستطيع أن تلتقط من الأخبار أن المملكة قد أنفقت هذا العام فقط أكثر من ثلاثة مليارات على خدمات مشاريع مائية في مكة «مثلا»، وقد تستشعر حجم المشروع من حجم اعتماده، لكن حين تضعه في سياقه الذي يدفع رجل أمن كمثال أيضا أن يخلع حذاءه العسكري، ليضعه في قدمي مسنة حاجة فقدت حذاءها، أو عسكري آخر، يتطوع لرش الماء على رؤوس الحجاج للتخفيف من حدة الحرارة، فإنك حتما ستستوعب حجم الرسالة التي تضطلع بها هذه البلاد بكل الاعتزاز، وتنفق في سبيلها دون رياء أو منة كل الغالي والنفيس، وعن طيب خاطر.