كلمة اليوم

قدّم التسريب الصوتي ـ بين سفير الدوحة في الصومال، ورجل الأعمال القطري خليفة بن كايد المهندي المقرب من أميرها، والذي كشف عنه تقرير صحيفة «نيويورك تايمز»، وحمل اعترافًا واضحًا بتورط قطر في تنفيذ تفجيرات وهجمات إرهابية في الصومال ـ دليلًا جديدًا لضلوع حكومة قطر في تمويل الإرهاب بأكثر من مكان، وفتح أبوابها للإرهابيين واحتضانهم، وتجنيدهم لتعزيز مصالحها في إطار سعيها إلى تحقيق نفوذ على الساحة، وإن كان لا يتوازى مع حجمها، وقد كشف هذا التسريب عن أنها ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها النظام القطري سفاراته، وبعثاته الدبلوماسية لهذه المهمات القذرة، وهنالك عديد القصص التي تمّ ضبط خيوطها، والتي أثبتتْ تورط الدوحة ومخابراتها بالكثير من الأدوار المشبوهة فيما يُسمّى بالربيع العربي، وسعيها لضرب استقرار تلك الدول التي عصفت بها الأحداث، سواء في تونس أو ليبيا، وانكشف الستار في النهاية عن تلك الحسابات القطرية التي يديرها ضباط قطريون، وتدفع من خلالها المليارات بعملات تلك البلدان إلى جمعيات متطرفة بذريعة مساعدة النازحين، وتقديم المساعدات الإغاثية، فيما يتم إنفاقها لدعم الإرهاب، وتجنيد الشباب لإلحاقهم ببعض التنظيمات المتطرفة.

وإذا كان هذا التسريب «الفضيحة» قد كشف ـ على قاعدة أن الاعتراف هو سيد الأدلة ـ مدى تورط قطر في تحريك العناصر الإرهابية، وإعادة تأهيلها ماليًا خدمة لمصالحها في محاولة الظفر بإدارة الموانئ، فإن منجزات المال القطري في هذا السياق أكبر من أن يتم حصرها، ولغايات ومقاصد أقل شأنًا مما كشفه التسريب، حيث تمّ إنفاق المليارات لإثارة القلاقل؛ بهدف خلق مناطق نفوذ لحكام قطر فقط؛ لإشباع عقدة الشعور بالنقص، والانعتاق من مشاعر التقزم، وهي عقدة لازمت الأمير الأب، وشكّلت عنوانًا رئيسًا في سياسات بلاده التآمرية على بلدان الجوار، وسعيه الدؤوب لضرب استقرارها، ويبدو أن الدوحة لم تُشفَ بعد من هذه العقدة، حيث لا تزال تمارس نفس الدور، عبر تلك التقدمات المجانية هنا وهناك، والتي لا غاية من ورائها سوى محاولة نفخ حجمها للخروج من أزمة الصغر.

والسؤال المطروح بعد هذا التسريب: هل سيكون هنالك تحقيق دولي في هذه الفضيحة المدوّية التي تثبت كل ما أنكرته قطر، أم أنها ستمر مرور الكرام؛ لتختفي تلك الأيادي الملوثة بدماء الأبرياء في إطار إجادة شيوخ الدوحة الانحناء للعواصف، والاختباء خلف تقارير الجزيرة؟