محمد العويس - الأحساء

إبراز المخطط العمراني القديم والزخارف التاريخية

عادت الكثير من المنازل الحديثة في محافظة الأحساء إلى الهوية التراثية في ظاهرة تجددت مؤخرا في بناء المنازل الجديدة، وبحسب تعبير مختصين، فإن الظاهرة تعود لجمال التراث العمراني الذي يميز هوية محافظة الأحساء وتراثها القديم. وأوضح الباحث في الآثار خالد الفريدة لـ «اليوم»، أن العودة للتراث العمراني القديم في منازل محافظة الأحساء جاءت نتيجة شعور المجتمع بجمال التراث العمراني الأصيل وطبيعته، وهو ما يناسب عاداتنا وتقاليدنا، وكذلك الأجواء في محافظة الأحساء. وأضاف الفريدة: نحن في الفترة الحالية نفتقد لهوية العمران التراثي في منازلنا؛ كون التصاميم الحديثة تجعل المنازل مغلقة بشكل كامل دون دخول النور والهواء إليها، وهو غير مناسب لعاداتنا وتقاليدنا القديمة، فالإنسان الأحسائي حينما فكر بشكل جميل وجد أن المخطط العمراني القديم والزخارف العمرانية التاريخية التي تحوي الأعمدة والأقواس والأقاسي، كلها هي المناسبة والتي نحتاج لها هنا في محافظة الأحساء، بالإضافة إلى المادة الخام المستخدمة في تلك المباني فهي من الطبيعة، وأي شيء من الطبيعة يؤدي إلى الراحة النفسية، كما أنها مواد غير ضارة ومقاومة لتغيرات الأجواء، بعكس ماهي عليه الأصباغ والمواد الصناعية التي قد تتأثر في المستقبل. وأشار الفريدة إلى أن المميز في طبيعة الأحساء، أنها متنوعة وتحوي أدوارا حضارية وتاريخية مهمة، بسبب تنوع هوية الطراز المعماري فيها، فهو خليط ما بين الهندي والفارسي والعراقي وبلاد ما بين النهرين، وبطبيعة الحال هي إرث لهذه الحضارة المتكررة على المنطقة. وأضاف الباحث والمهتم في الآثار د.سعد الناجم، إن الأحساء منطقة تراثية منذ الأزل، حيث مرت عليها حضارات كثيرة، وتركت إرثا نقل إلى مناطق أخرى واشتهر هناك، علما بأن أساسه أحسائي، حيث الأعمدة والأقواس والعقود، فعندما اختيرت محافظة الأحساء كعاصمة السياحة، وحصلت على عضويتها ضمن المدن المبدعة في العالم، تهافت الناس إليها وبدأوا يبحثون فيها من جديد بأدوات حديثة وسوف يجدون إرثا مميزا. وأشار د. الناجم إلى أن الأحساء تعيد شبابها بأيدي أبنائها باختلاف خلفيتهم الثقافية وتاريخ أسرهم المتوارث، لذا في كل يوم بمحافظة الأحساء جديد، وكل يوم يظهر الحب والولاء في عطاء أبنائها عملا جادا مبدعا، فلا غرابة أن يخطف الأنظار ويجذب الباحثين عن التاريخ والأصالة والتراث. وقال أحد المهتمين بالتراث الأحسائي عبدالرزاق العرب: عودة التراث في المباني يأتي من منطلق حبهم للتراث ولمحافظة الأحساء وتاريخها الجميل، ولاحظنا تطور هذا في المباني من خلال التراث والتعمير والحنين للماضي، مؤكدا أن الكثير من الأهالي والمواطنين بدأ ينهج في البناء والتعمير الأسلوب القديم سواء في إعمار البيوت أو الديوانيات أو المزارع أو الاستراحات، وكلها أخذت النصيب الأكبر. وأكد اختصاصي مباني التراث سعيد جبران أن هناك طلبا متزايدا في المنازل حديثة البناء في محافظة الأحساء على الغرف التراثية والبناء الشعبي القديم «الحساوي» المعتمد على الطين وجذوع النخل و «الشندل» والذي يأخذ طابعا فريدا من نوعه في أسلوب معماري جميل، يظهر من خلال الأقواس والقباب والزخارف الأحسائية، ويحرص العديد من راغبي البناء الشعبي الآن على عمل متنفس وسط البيت وهو «حوش» صغير ملحق بالمبنى. وأضاف جبران: الآن نراعي قدر الإمكان أن نعيد تراث البناء القديم كما كان الأجداد قديما يعملون به لنقوم بصنع «اللبن» الذي يصف على بعضه وتبنى به الجدران، وتأتي مرحلة السقف المكون من الشندل والبواري والباسكيل أو من جذوع النخل والأسل وقلم العقربان، والحصر، وكذلك المداد الأحسائي المصنوعة من الأسل، ليتم تغطيتها بالطين، حيث تأتي مرحلة «مليط» السطوح التي تكون انسيابية بحيث لا تسمح ببقاء الماء حتى لا يدخل من الشقوق ويؤدي إلى سقوطها، ومحاولة رفع سقف البيت، وكذلك فتح نوافذ في الجدران تسمح بدخول تيار من الهواء.