د. عبدالوهاب القحطاني

تعد رؤية المملكة 2030 والتحول 2020 تحولا إستراتيجيا كبيرا في مسار الاقتصاد السعودي، فهي انتقال من الاعتماد على إيرادات النفط الخام إلى التنويع الاقتصادي الذي يكون من خلال العديد من البدائل ومنها التحول إلى الطاقة المتجددة التي لا تنضب، بل تحافظ على نظافة البيئة وصحة الإنسان. ونخص بذلك الطاقة الشمسية وطاقة الرياح التي تتميز بها المملكة. إن التحول من الطاقة النفطية إلى مصادر نظيفة ووافرة أخرى بأقل تكلفة من أهم أساسيات نجاح رؤية 2030 التي تنقل المملكة إلى عصر زاهر جديد إن شاء الله.

ومن الأهمية تعريف الطاقة المتجددة والحديث عن فوائدها، حيث يقصد بالطاقة المتجددة تلك التي تتولد من مصادر طبيعية بصفة مستدامة. إن معظم مصادر الطاقة المتجددة متوفرة في الطبيعة كالإشعاع الشمسي والرياح والمياه ودوران الأرض وحرارة جوفها المليء بالمعادن المنصهرة في درجة حرارة شديدة، حيث تبحث عن نقطة انطلاق ضعيفة لتخرج إلى سطح الأرض كما يحدث في البراكين.

المملكة بحاجة إلى الاستثمار في بحوث الطاقة البديلة لننتقل إلى حقبة ما بعد النفط أو حقبة التنوع الاقتصادي، بحيث يكون القطاع الخاص المحرك الأقوى للتنمية المستدامة والتنافسية العالمية. مراكز أبحاث الطاقة في الجامعات السعودية بحاجة للمزيد من الجهود في مجال دراسات وأبحاث الطاقة البديلة والمتجددة. ولقد تأسست مدينة الملك عبدالله للطاقة الذرية والمتجددة لهذا الشأن وعليه فإنها معنية بالطاقة البديلة سواء النووية أو غير النووية.

الطاقة الشمسية فرصة واعدة وحتمية في المملكة، لذلك لابد من استغلالها والاستثمار فيها بأسرع وقت؛ لأن المملكة معنية وأولى بها لتوفر البيئة المناسبة من حيث الجدوى الاقتصادية والظروف المناخية المناسبة لتوليد الطاقة الكهربائية للمصانع والمنازل والسيارات ووسائل النقل الأخرى. وفي هذا الشأن فقد خصصت الحكومة السعودية استثمارا بأكثر من 108 مليارات دولار لإطلاق مشاريع عملاقة يتوقع أن تنتج كميات ضخمة من الكهرباء عبر الطاقة الشمسية.

والخلاصة أن مصادر الطاقة البديلة المتجددة آمنة واقل تكلفة وأنظف من غيرها من مصادر الطاقة التقليدية من حيث علاقتها بالبيئة والحياة البشرية والنباتية والحيوانية؛ لذلك الاستثمار فيها يعد خطوة استراتيجية ناجحة مهما كانت التكلفة في الأجل القريب لأن فوائدها الكثيرة الاقتصادية والبيئية مجدية في الأجل الطويل، مهما بلغت تكاليفها على الحكومة والمواطن والمؤسسات والشركات المستثمرة في مجال الطاقة المتجددة. سيوفر الاستثمار في الطاقة المتجددة نسبة كبيرة من الوظائف في المملكة، بل يساهم في التنويع الاستثماري في المملكة، ناهيك عن تقليل الاعتماد على النفط التقليدي في مصادر الدخل الوطني. وسيفتح المجال للشركات الوطنية للتخصص في الاستثمار في هذا المجال الاقتصادي الحيوي. وعلى الحكومة أن تستعد للتحول من الطاقة التقليدية إلى الطاقة المتجددة قبل أن تتراجع مرة أخرى إيرادات النفط التقليدي بشكل حاد لا يساعد على ضخ الأموال اللازمة للاستثمار في مشاريع عملاقة في مجال الطاقة المتجددة الواعدة. وبصفة عامة ستستفيد الدولة والمواطن من الطاقة المتجددة من حيث التكلفة المنخفضة ونظافة وصحة البيئة على المدى البعيد بشرط أن تتبنى الحكومة الخطة الإستراتيجية المناسبة لتنفيذ برنامج التحول إلى الطاقة المتجددة، وأيضاً أن تكون التكاليف مدروسة والرقابة على التنفيذ والأداء عالية وشفافة ومحوكمة.