صالح بن حنيتم



عندما يحدث شجار بين شخصين ويقود إلى نهاية مأساوية بوفاة أحدهما، تبدأ رحلة المعاناة من ذوي كلا الطرفين بين حزن على من مات وحزن على من يقبع خلف القضبان يتخيل لحظات القصاص مع غروب الشمس، ويبقى على بصيص الأمل مع إشراقة شمس اليوم التالي وهكذا يعيش بين الخوف والأمل، نسأل الله أن يعتق رقاب من هم في مثل هذه الحالة، فما أصعب حياة من يعيش على أمل عفو قد يحدث وقد لا يحدث، فأهل المتوفى قد يتنازلون لوجه الله تعالى وما أجمل العفو عند المقدرة، وشاهدنا العديد من مواقف التسامح والعفو، فما نشاهد من استمرار لمسلسل المطالبات المالية المليونية التعجيزية من قبل أهل المتوفى مقابل التنازل، أصبح شبه ظاهرة تحتاج أن تعالج بقوانين صارمة.

للتوضيح، المقال يطرح قضية تتفاقم وتؤرق المجتمع وليس المقصود منه شخصا بعينه حتى لا يتحسس أحد، نحن أمام مشكلة وتحتاج إلى حل، (أليس منكم رجل رشيد)، هذه الجملة تحتاج من يترجمها من حكماء أهل الدم، والحكمة تعني البحث في جذور المشكلة أو الشجار الذي حدث، هل كان القتل متعمدا، فهناك من الشباب من أدمن المشاكل والشجار ونتيجة لسلوكه الطائش يكون السبب فيما حدث، وفي المقابل هناك شباب عرف عنهم الاستقامة وحسن السيرة والسلوك مع جيرانهم وفي عملهم أو جامعاتهم إلخ، قد ابتلاهم بعض المتهورين حتى أوقعوهم في جرائم قتل لا ناقة لهم فيها ولا جمل... فمثل هذه الجزئيات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار علها تصل لمن يغلب جانب العقل على العاطفة وبإذن الله قد تسهم في الوصول للعفو وهذا ما نتمناه مع كل قضية مطالبة بالدية، فجرائم القتل والدوافع تختلف.

أما ما يخص المطالبة بالملايين مقابل التنازل، نستغرب كيف يرضى على نفسه من يطالب بالملايين أن يعيش على دم ابنه، هل سيجد المتعة في مركب فاره أو بيت جديد وأرصدة في البنك مصدرها (دم) ؟؟ إذا كان لابد من المطالبة بالملايين، فليكن ذلك ولكن أن تصرف للجمعيات الخيرية، أو بناء مساجد تحمل أسماء المتوفين أو أن يتكفل أهل القاتل بتعليم عدد من الأيتام من المرحلة الابتدائية حتى الجامعة، أو أن يتم بناء مركز للحي يخدم أبناء الحي الذي فقد ابنه في المشاجرة.

بهذه المشاريع الحيوية، سينتفع بها المصلون والجمعيات الخيرية والمحتاجون والأيتام وأهل الحي، وسيستمر الأجر لمن كان السبب في بناء هذه المشاريع، فكم من المصلين، وكم من الفقراء والمحتاجين سينتفعون بما ستقدمه المشاريع الخيرية نتيجة لما وصلها من ذلك الأب.

إذا تم تطبيق هذه المقترحات، فسيربح الجميع؛ لأنهم سلكوا طريق المتاجرة مع الله، وفي نفس الوقت تم إغلاق الطريق على سماسرة الدم!