د. عبدالوهاب القحطاني

للماء والغذاء والدواء أهمية كبيرة في الأمن الاقتصادي الوطني، لذلك أقيمت المشاريع الزراعية والحيوانية والدوائية وتحلية المياه لتأمين الاحتياجات الأساسية لسكان المملكة باستمرار. وقد كشفت العديد من الأزمات العالمية أهمية الأمن الغذائي، خاصة خلال الأزمة الاقتصادية العالمية في 2008م عندما ارتفعت أسعار الأدوية والمواد الغذائية نتيجة تراجع العرض بسبب إفلاس بعض الشركات وتزايد الطلب وارتفاع أسعار الطاقة البترولية فيما بعد. وقد برزت أهمية تأمين الغذاء محليا من خلال تزايد الطلب الذي حفز قيام المشاريع الغذائية في المملكة، لكن هناك محاصيل غذائية لا يمكن زراعتها وإنتاجها محليا لظروف مناخية لا تتوافر في المملكة، ناهيك عن التكلفة المرتفعة للمياه اللازمة لريها. وهنا تظهر أهمية المشاريع الاستثمارية الغذائية خارج المملكة في دول صديقة مستقرة اقتصاديا وسياسيا من خلال شراكات إستراتيجية مع تلك الدول وشركاتها التي ترغب في الاستثمار والتعاون مع شركات سعودية في هذا المجال.

يساهم المخزون المحلي الإستراتيجي في تحقيق الأمن الغذائي للمملكة، لكنه ليس بدرجة كافية يعتمد عليها عند حدوث الكوارث الطبيعية والأزمات الاقتصادية والسياسية في الدول التي نستورد منها، ناهيك عن عدم كفاية المحاصيل الزراعية المحلية لتغطية النقص في الإمدادات الغذائية والدوائية. نحن بحاجة للتوسع في المخزون الإستراتيجي عما هو عليه اليوم لسد الحاجة في أوقات الأزمات إقليميا ودوليا. وبالتأكيد فإن الخطة الإستراتيجية الذكية للحكومة في الخزن الإستراتيجي للمنتجات الغذائية الأساسية جديرة بالإشادة والتطوير المستمر لتشمل المزيد من المنتجات الغذائية الأساسية بكميات كبيرة وكافية لتحقيق الأمن الغذائي الوطني. وأيضا تحافظ الحكومة على المياه الجوفية من الاستنزاف غير المجدي اقتصاديا.

إن مساهمة القطاع الخاص متواضعة في الاستثمار خارج المملكة في الأمن الغذائي الوطني في دول صديقة، حيث لا ترقى إلى المستوى الإستراتيجي الذي يعتمد عليه خلال الأزمات الاقتصادية. وهذه المساهمة المتواضعة بسبب الخوف من المخاطر وعدم توافر الضمان والدعم القانوني للمستثمرين السعوديين في الدول التي أبرمت معها الحكومة اتفاقيات شراكات اقتصادية، ناهيك عن النظرة القصيرة للمستثمرين السعوديين حول العائد على الاستثمار ومدته. وهناك اتفاقيات شراكة أبرمت بين المملكة وبعض الدول الصديقة في مشاريع زراعية، لكنها غير مفعلة أو غير شفافة فيما يتعلق بالضمانات لحقوق المستثمرين وسياسات الضرائب.

والمأمول أن تستثمر الصناديق السيادية وصندوق الاستثمارات العامة على وجه الخصوص في مشاريع زراعية وغذائية في الدول الصديقة التي تتميز بوفرة المياه والتكلفة المنافسة والعمالة المؤهلة في تلك الدول.