أحلام القحطاني

في زمن الطفرة التكنولوجية التي نعيشها حاليا ودخول وسائل التواصل الاجتماعي إلى بيوتنا بالشكل اللافت الذي هو عليه الآن، والأسماء التي لمعت في سماء الشهرة من خلال برامج التواصل، كان للأطفال النصيب الكبير من خلال دخولهم إلى بوابة الشهرة، فالأطفال بطبيعتهم يحبون لفت الانتباه وشد الأنظار إليهم فكانت هذه البرامج المنفذ لهم ليكونوا ضمن هذا العالم المليء بالصخب والأضواء التي قد تُكسبهم حب الناس وانبهارهم، وكذلك قد تسلبهم براءتهم وتستحوذ على وقتهم الذي من المفترض أن يُكرس لبناء مستقبلهم والتركيز على الجانب العلمي منه أكثر من الانخراط في دوامة الشهرة، التي قد تكون وبالا عليهم أكثر من أن تكون ذات منفعة وذلك لصغر سنهم ولما يلزمهم من قدرة على التحمل والقوة لمواجهة أي معوق يعترض طريقهم في هذا المضمار الذي لا يخلو من العقبات التي قد تنعكس عليهم سلبا.

لا يختلف أحد على أن الشهرة تدر الأموال وتنقل الشخص وعائلته من حالة لأخرى أكثر رفاهية وقدرة على الانتشار، ولكن الطفل بطبيعته غير مؤهل لمثل هذه الأضواء وذلك بحكم أنه في حالة نمو عقلي وجسدي مستمر فقد يؤثر عليه أي أمر طارئ أو حتى كلمة غير محسوبة، وكلنا يعلم أن حالات التنمر بدأت تتفاقم وتسبب الكثير من الأذى النفسي للكبار فما بالنا بالأطفال الذين قد ينجرفون خلف هذا التيار الذي يريد الإيقاع بهم، وقد نجح في ذلك مع العديد من الأطفال المشاهير الذين لم يتحملوا كمية السب والشتم والتنمر الذي جعلهم يتمنون لو أنهم أشخاص عاديون لينعموا بالأمان النفسي الذي باعوه من أجل الأمان المالي الذي كانوا ينشدونه، أو ينشده ذووهم الذين لم يراعوا ذلك الطفل وجعلوا منه (قربانا) لنيل ملذات الدنيا على حسابه.

في الوقت الذي يجب على الأسرة أن تحمي أطفالها وتكون لهم الدرع الواقية من أي هجمات خارجية، نجد البعض يُصدرهم للخارج ليكونوا هم درعه وسيفه الذي يحارب به الفقر أو الحاجة أو ليكمل من خلالهم نقصا ما يشعر به، فقد أصبح الأطفال مادة سهلة للاستعراض ومنفذا من منافذ الربح وزيادة الدخل، وأثر ذلك على سلوكهم وجردهم من أن يعيشوا سنهم الطبيعي، فقد أخذتهم الشهرة إلى أعمار متقدمة وسلبت منهم العفوية التي تعتبر من أهم صفاتهم والبراءة التي تتعارض مع شهرتهم، مما يجعلنا نتساءل: من المسؤول الحقيقي عن تشويه الطفولة بهذا الشكل المقيت؟ فقد توعدت وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بملاحقة كل من يستغل الأطفال للتكسب المادي حتى وإن كان ذلك من الأبوين؛ لأنه يعتبر مخالفا لنظام حماية الطفل ومخالفا للفطرة قبل كل ذلك.