سالم اليامي

ما هو وضع إيران الحالي، وما الذي سيحدث في المنطقة، وهل هناك حرب قادمة تنهي مشهد الصراع الأمريكي - الإيراني؟. الكل يدرك أن إيران اليوم في حالة ضغط شديد وتعيش حالة من العزلة الإقليمية والدولية، وإن كان لديها أصدقاء سواء من الكبار مثل الصين والروس، فهؤلاء حريصون على مصالحهم أولا قبل المصلحة الإيرانية. إيران ابتدعت ما يمكن أن يسمى بدبلوماسية التخريب في البر والبحر وزرع الميليشيات العمياء، التي تحقق أهدافها على حساب المصالح الوطنية. المعاناة الإيرانية اليوم معاناة اقتصادية واجتماعية ومالية، وهي تحاول تلافي كل هذه الصعوبات عبر التهديد بإغلاق مضيق هرمز هذه الخاصرة الحساسة، دون أن تدرك أن هذه مياه دولية وحمايتها وتأمين مسؤولية المرور فيها مسؤولية دولية بمعنى أن إيران تهدد بشيء كبير ولو حاولت تنفيذ تهديدها ذاك بالإغلاق أو التحكم في الممرات المائية فستضع نفسها في مواجهة المنظومة الدولية كلها، وهذا شيء لا تقدر عليه بكل تأكيد، أو سيكون تحديا كبيرا لها. إيران تعودت على أسلوب الحرب، والصراع مع الآخرين بالوكالة ومن خلال أذرعها المزروعة في كل مكان بمنطقتنا العربية، حيث نجد تلك الأذرع العمياء في سوريا، والعراق، واليمن، ولبنان.

الجانب الذي تحاول إيران إخافة المنظومة الدولية به هو مسألة أسعار الطاقة، حيث تعتقد أن تصعيد الصراع في هذه المنطقة الحساسة سيكون مدعاة لرفع أسعار النفط الخام، الأمر الذي سيرهق ميزانيات الطاقة في العالم. لذا هي تلعب مع المجتمع الدولي لعبة حافة الهاوية بمعنى أنها تصعّد إلى مستويات متقدمة من الصراع عبر التصريحات تارة وعبر التخريب والعدوان على المصالح الدولية تارة أخرى. وفي ذات الوقت، تقول تصريحات غير مفهومة مثل أنها لا تريد الحرب ولا تسعى إليها.

في المنطقة ومع تصاعد حدة الصراع الإيراني - الأمريكي، وجهت القيادة في إيران تصريحات خاصة بأمن المنطقة وترتيبات ذلك الأمن، وأنه من مسؤولية إيران ودول المنطقة فقط وكأنها هنا تفرّغ الأهمية الإستراتيجية للمنطقة من معناها، هذا أولا، أما ثانيا فهي تعرف أن هذه الدعوة معروفة سلفا ومرفوضة من الدول المؤثرة في المنطقة؛ لأن المعنى الحقيقي لهذه الدعوات معروف ولا يخرج عن الهيمنة الإيرانية المطلقة، حيث تنظر إلى نفسها بأنها قوة إقليمية مسيطرة وتسعى يوما لتكون القوة الإقليمية الأبرز، حيث تعتقد إيران أنها اللاعب الذي جرب لعبة العقوبات الدولية على مدى أربعة عقود، وهناك ضخ إعلامي للداخل الإيراني يستثمر في أن القوة المتحققة اليوم متأتية من تحدي هذه العقوبات، وهذه رسائل تحاول من خلالها إيران مغازلة الداخل الإيراني، الذي يوشك على التصدع بفضل العقوبات، الملاحظ أن هناك عزما أمريكيا غير مسبوق، يصاحبه تحريك مستمر للقطع الحربية الأمريكية وإرسال المزيد من الجنود إلى المنطقة. هذا ربما يعكس المقولة، التي ترى أن الصراع في أوله وربما لا نرى مواجهة حقيقية قبل بضعة أشهر.

خروج الجانب الأمريكي من الاتفاق النووي مع إيران حلقة أولى في مسلسل ربما يكون طويلا قد يمكّن الجانب الإيراني من إنتاج السلاح النووي، خاصة أن أول التصريحات الإيرانية في هذا المجال يأتي بتهديد واضح على العزم الإيراني برفع تخصيب اليورانيوم، مما يعني الإمكانية في المستقبل على إنتاج السلاح النووي، وإدخال المنطقة في سباق تسلح. الأطراف الدولية وبأجهزة استخباراتها ومعلوماتها المعمقة، التي تصل إليها تعرف وبشكل يكاد يكون يقينيا أن إيران مقبلة على هذه الخطوة، وإن تحدت وهددت بها اليوم، فهي في الغد حقيقة واقعة.