كلمة اليوم

يحتفل العالمان العربي والإسلامي اليوم بحلول عيد الفطر المبارك بعد صيام شهر رمضان العظيم وقيامه وهو أعز الشهور عند المولى القدير، وهو احتفال يمر والأوضاع الإسلامية في أحرج مواقفها، فثمة سلسلة من المصاعب تحول دون تحقيق طموحات المسلمين في صناعة مستقبل أجيالهم الأفضل، فقد تكالبت عليهم قوى العدوان من كل حدب وصوب لإفشال إرادتهم ووحدتهم وبعثرة كلمتهم الواحدة، ولا شك أن القمة الإسلامية التي عقدت مؤخرا بمكة المكرمة رسمت الخطوط العريضة التي لا بد من الأخذ بها للنهوض بمقدرات المسلمين والنهوض بشعوبهم، فالصعود فوق خلافاتهم الهامشية وتوحيد أهدافهم ونصرة قضاياهم العادلة تعد من أهم الأساليب الناجعة التي تعيد إليهم هيبتهم ووقارهم بين شعوب وأمم الأرض.

لقد اتهم المسلمون جورا وعدوانا بأنهم جماعات إرهابية نظير حدوث سلسلة من الأعمال الإجرامية في العديد من دول العالم، وأصحاب تلك الجماعات ينتمون إلى الإسلام في ظاهر الأمر، غير أن الحقيقة الواقعة تقول إن تلك الجماعات المارقة خارجة تماما عن مبادئ الإسلام وتشريعاته وتعاليمه ولا تمت إليه بصلة، فالإسلام يدعو إلى التراحم والتكاتف والتكافل والتعايش السلمي بين الشعوب، وتعاليمه الربانية الخالدة تنبذ أي شكل من أشكال الإرهاب ومسمياته وأهدافه الشريرة، وقد دعت وفقا لما جاء في تضاعيف كتاب الله وسنة خاتم أنبيائه ورسله -عليه أفضل الصلاة والسلام- إلى إشاعة الأمن والاستقرار والمحبة والإخاء بين شعوب العالم كلها، ونبذت صور الإرهاب والجريمة والعنف والكراهية.

أوضاع التخلف التي تعاني منها الأقطار الإسلامية في العصر الراهن لا تعود في حقيقة أمرها إلى تشريعات العقيدة ومبادئها ومعطياتها الخيرة ولكنها تعود إلى تفكك المسلمين وتطاحنهم وتبعثر كلمتهم وتشتت صفوفهم، وهذا الضعف أدى إلى تكالب قوى الشر عليهم وتمكنها من السيطرة على مقدراتهم، ولو أنهم رجعوا إلى نصوص عقيتدهم الإسلامية وتمسكوا بها وطبقوها في كل أمر وشأن لصلحت أحوالهم وأصبحت مكانتهم رفيعة وعالية بين شعوب وأمم المعمورة، ولكنهم ارتضوا للأسف الشديد بالهوان والتخلف والضعف وابتعدوا عن تلك النصوص والأحكام فتحولوا إلى جماعات متخلفة لا يشار لها بالبنان.

النهوض بالمقومات الإسلامية رسم من قبل المملكة التي نادت مرارا وتكرارا في كل محفل وآخرها القمة الإسلامية في أشرف بقاع الأرض، بأهمية العودة إلى الكتاب والسنة وتحكيمهما في شؤون المسلمين الحالية للتمكن من الأخذ بأسباب النهوض والتقدم والرقي، فالعيوب التي تزامنت مع تخلف المسلمين لا علاقة لها بعقيدتهم السمحة، وإنما تعود إلى تفرقهم وتشرذمهم والتسابق لتحقيق مصالحهم الدنيوية والتغافل عن تطبيق مبادئ شريعتهم المنادية بتكاتفهم وتضافر جهودهم ووحدة صفوفهم وإعلاء شأنهم بين الأمم، وهذا ما دعت إليه المملكة ومازالت تدعو إليه لنصرة المسلمين في كل مكان.