م. عبدالسلام الورثان

البشائر التي يحملها شهر رمضان المبارك حين يمن الله علينا ببلوغه كل عام كثيرة، فهو الشهر الذي تتضاعف فيه الحسنات ويعتق الله عباده من النار وتنتشر فيه مظاهر التآخي والتسامح والبذل ويتسابق فيه العباد لأعمال الخير ويجاهدون النفس على العبادات، ومن هذه المشاهد الجميلة تلك المجالس الرمضانية أو كما يسميها بعض أهل المنطقة الشرقية «الدواوين»، فهي عادة تزين ليالي الشهر الفضيل وتجد الأسر تحضر اللقاء بشكل دوري إضافة للأصدقاء والجيران والمعارف، وبها يجد الكثير فرصة ممن لم تسمح لهم ظروفهم طوال العام بالتواصل مع ذويهم عطفا على الانشغال المستمر أو التواجد خارج المنطقة، فتجد الجميع يحرص على التواجد في هذه المناسبات فهي أجواء لا يمكن الاستعاضة عنها بشكل أو بآخر ناهيك عن الفوائد التي تصاحبها من الوقوف على أحوال الأهل والتعرف على حاجاتهم «بشكل مباشر» وربما الخروج بحل لمسألة ما أو التعاون في مشروع يعود بالنفع ليس فقط على أصحابه بل الأسرة والوطن.

تلك المعاني أصبح الكثير يعتقد أنه يجد البديل عنها بما توفره وسائل التقنية الحديثة وبرامج التواصل الاجتماعي المختلفة، فهي شكلت واقعا افتراضيا ومجالس رمضانية رقمية في تواصل مقطوع وتقارب متباعد المعنى والفائدة والهدف، كما تجدها تضج بالكثير من الآراء والأفكار والرسائل كثيرا ما تكون حلقات نقاش لما يشغل الناس في الشهر سواء فيما يتعلق بأمور الدين وكذلك الدنيا في مشهد فوضوي يصيب كل ناظر له بالارتباك وعدم القدرة على اللحاق بالمفيد الذي ضاع وسط زحام ما هو دون ذلك، فلو أخذنا على سبيل المثال لا الحصر مجموعات الواتسآب وما يسمى بـ«قروب العيلة» تجده أصبح مسرحا لطرح كل شيء وأي شيء والرسالة الهادفة تتبعها رسالة «تطقطق على الفريق المهزوم» وبعدها رسالة عزاء ثم رسالة عزيمة على زواج، ذات المشهد تجده يتكرر في السناب وتويتر وغيرهما من هذه الفوضى الرقمية التي لا تضع لحرمة الوقت والمشاعر والأولويات أي وزن يذكر، فلنتدارك الأمر ونعد لمفهوم التواصل الحقيقي والمباشر فهو حقا ما أمر به ديننا وأوصى به نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ختم الله لنا جميعا الشهر الكريم بالقبول والغفران