فهد سعدون الخالدي

عمليات التخريب التي حصلت في ميناء الفجيرة والتي تلتها في محطتي أرامكو، تحمل بصمات مدبريها، الذين تبجحوا وهددوا أكثر من مرة بمثل هذه الأعمال، رداً على الإجراءات الاقتصادية الموجهة لهم بسبب انتهاكهم القانون الدولي، وتدخلهم في دول الجوار، ودعمهم حركات إرهابية وطائفية في أكثر من دولة من دول المنطقة بما فيها البحرين ولبنان وسوريا واليمن، وإغرائهم وتضليلهم بعض المواطنين في المملكة، واستخدامهم الإساءة إلى الأمن في وطنهم.

ومع وضوح مدبر هذه الأعمال سواء قامت بها إيران مباشرة أو عن طريق عملائها فإن اليد التي امتدت بالتخريب هي نفسها، وما الآخرون إلا من استأجرتهم وجندتهم ضد أوطانهم أولاً ثم ضد الدول المجاورة التي طالما قدمت كل ما تملك لمساعدة أشقائها في كل المجالات الاقتصادية والعلمية والصحية والعمرانية وغيرها، وما إن أحست هذه الفئة فداحة ما قامت به، وما يمكن أن تتحمله من العواقب بسبب ردة فعل المجتمع الدولي الذي يرى في مثل هذه الأعمال ليس تهديداً لأمن الدول المستهدفة فقط، بل وتهديداً للسلم وللاقتصاد العالمي ولموارد النفط التي تعتمد عليها الكثير من الدول، بدأت تحاول نفي التهمة والتنصل من عاقبة أعمالهم، خوفًا من العقوبات، فتحولت التصريحات العنترية بإغلاق طرق الإمداد وعدم تصدير نفط الدول الأخرى إذا لم يصدر نفطهم.. تحولت هذه التصريحات إلى محاولة إلصاق التهمة بطرف ثالث وهمي.

ومع أن هذه المحاولات لا تجدي لأن التحقيقات التي تتم بمشاركة أطراف دولية ستكشف عاجلاً الحقائق وتحمل المتسبب المسؤولية وحتى إن لم يقم الطرف المتهم مباشرة بهذا العمل فمن الذي زود مرتزقة اليمن من الحوثيين بالطائرة المسيرة والصواريخ التي يحاولون، رغم فشلهم المستمر، أن يعرضوا من خلالها أمن المملكة والمنطقة للخطر، ومن الذي يسلح ويدرب المخربين في البحرين والقطيف، ومن الذي يمد العصابات الطائفية في سوريا ولبنان والعراق ويوجهها ويدربها ويحرضها على الفتنة جهاراً نهاراً، ومن الذي يرسل سليماني ليتبجح بتدخل فيلق القدس الذي عرف كل الطرق إلا طريق القدس ومن... ومن... كل محاولات التنصل مكشوفة ولن تجدي، وسيعلن العالم ساعة الحقيقة عن الفاعل، ولن يكون لمرتكبي هذه الجرائم والمحرضين عليها مفر من أفعالهم، وسيلقون نفس المصير الذي لقيه الكثير من قبلهم الذين استطابوا العدوان وأخذتهم الأطماع إلى مصائرهم. إذا ما اعتقدوا أن محاولاتهم للاختباء وراء الادعاء بعدم الرغبة في دخول الحرب، وأنهم يمدون يد السلم لجيرانهم، وإلا فليعلنوا صراحة وبالطرق الصحيحة عن تخليهم عن مطامع التمدد الإقليمي والنفوذ وإثارة النعرة الطائفية واستخدام الأقليات المذهبية في دول المنطقة والتغرير بأبنائها والعزف على وتر المذهبية والطائفية والمظلومية لإثارتهم وتحريضهم على ارتكاب الجرائم وأعمال التخريب ضد الأوطان التي تعطيهم كامل الحقوق وفي كل المجالات، بينما ترزح الشعوب غير الفارسية في إيران تحت نيران التفرقة العنصرية والتمييز والإرهاب الرسمي، سواء أكانوا عربًا في الأهواز أو أكراداً أو بلوشًا أو تركمانا وغيرهم.

لا أحد يتمنى الحرب وما تحمله من نذر الدمار والخراب، لكن لا يمكن لأصحاب المطامع والأوهام أن يراهنوا على رغبة دول الجوار وفي مقدمتها المملكة في تجنب الحرب ومصائبها طويلاً، فإن لصبر المملكة ودول المنطقة والعالم حدوداً، ولذلك فإن كافة العقلاء والمخلصين يتمنون أن يحل السلام والوئام في المنطقة، وأن تكف الأطراف التي تشعل الفتنة في لبنان وسوريا والبحرين واليمن وفي كل المنطقة عن أعمالها، وتمد يد السلام وحسن الجوار لجيرانها ليعيش الجميع في سلام، «ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهلة»، «وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون».