أحلام القحطاني

بعد أن كان الشاب السعودي لا يرضى بأي وظيفة تُعرض عليه، ويسرد العديد من الشروط التي يجب أن تتوافر فيها، ولا يكترث من البقاء دون عمل لفترة ليست بالقصيرة في سبيل العثور على الوظيفة المنشودة بالمواصفات المطلوبة، أصبح يقتحم كل المجالات بلا هوادة أو اشتراطات وكأنه عقد الصلح معها أخيرا، مما جعل الصورة النمطية السائدة عنه تتغير وتتجلى بدلا عنها صورة الشاب المكافح الذي لا يتوانى عن الدخول في غمار أي عمل مهما كانت بساطته أو عوائده الشهرية المتواضعة، لندخل بذلك حقبة جديدة من استثمار الموارد البشرية لدينا وتفعيلها في مجالات عدة كي لا تنحصر في أعمال معينة دون غيرها، ولنستغني عن كم هائل من العمالة الوافدة التي اكتسحت الكثير من المهن في فترة سابقة.

لقد كانت العمالة الوافدة تحد من تمكين المملكة من النهوض بالمشاريع على يد أبنائها، وتفعيل عنصر التنمية المستدامة من خلال جهودهم لأنهم بمثابة المكسب الحقيقي للوطن، ولا ننكر ما قامت به تلك العمالة من إسهامات جلية في تسريع عملية البناء، وإكساب بعض من شبابنا الخبرات اللازمة، ولكن عدم تدوير النشاط الاقتصادي داخليا أحدث نزيفا خارجيا من خلال التحويلات التي يقوم بها الوافد لعائلته في الخارج، والبطالة التي أكلت جزءا لا يستهان به من المجتمع السعودي لان شاغلي الوظائف أجانب جعلت وجودهم عبئا وخطرا على اقتصاد الأسرة والدولة معا.

لقد ساعد البعض من الشباب السعودي على ذلك من خلال تمنعهم عن بعض الوظائف وعدم جديتهم في بعضها الآخر عند توظيفهم، مما جعل بعض أرباب العمل يفضلون الأجنبي في ذلك، ولكننا الآن نتحدث عن نقلة نوعية سواء على الصعيد الشخصي من هؤلاء الشباب ونزولهم الميدان عن اقتناع تام، أو على مستوى الدولة التي جعلت توطين الوظائف أمرا إلزاميا لا رجعة فيه، مما جعل بعض المؤسسات أو الشركات الخاصة تعيد النظر في سياساتها وقوانينها التي يجب أن تتوافق مع موظفها الجديد، فتحفظ حقه وتتعامل معه وفق دراية كاملة بأنه يختلف عن ذلك الموظف الأجنبي، فهم الآن يعملون سويا في المساهمة على تنفيذ الخطط التنموية التي وضعتها المملكة والتي ستعود بالنفع على الجميع.

أثبت الموظف السعودي جدارته بشكل ملحوظ، فهو يسير الآن نحو شراكة فاعلة وتحقيق رؤية هو الجزء الأكبر منها، كما عملت المرأة السعودية معه جنبا إلى جنب لتحظى بالاهتمام البالغ من القيادة الحكيمة، وتُفتح لها الأبواب المغلقة وتدخل في معترك العالم الاقتصادي الكبير بشتى مجالاته، وقد برهنت أنها تستطيع إثبات جدارتها وفق بيئة تحمي خصوصيتها وتساهم في إشراكها في بناء هذا الوطن الذي يحتاج لكل أبنائه بلا استثناء ويفخر بهم.