عباس الشماسي

كل منا يعرف أن العمل الجماعي شيء حسن، وبه تُذَلّل الصعاب، وتتحقق الأهداف، وتتسهل الغايات... لكن السؤال، كيف تصنع من العمل الجماعي عملا ناجحا وما الأسس التي تجعل الفريق فعالا في تحقيق الأهداف.

يتحدث علماء الإدارة، وتطوير الذات، عن عدة أسس عملية تصنع من العمل الجماعي محققا للأهداف. من أهم هذه الأسس هو قانون «الصورة الكبيرة»، والذي تحدث عنه د. جون ماكسويل في كتابه عن قوانين العمل الجماعي، وأجد من معاينتي عن قرب وإشرافي على بعض الأعمال الجماعية أن عدم الوعي بمبدأ «الصورة الكبيرة» هو عائق فعلي للتطور والرقي وتحقق الرؤى والأهداف، وخصوصا في ظل الثقافة السائدة التي تعبر عن إعجابها الشديد بالعمل الفردي، وما يلقاه الفرد من مدح وإطراء وثناء، وحيث يعتقد بعض العاملين أن كل شيء يدور حول احتياجاتهم، ورغباتهم، يميل الناس إلى أن تغيب عن أعينهم الصورة الكبيرة التي يجب الالتفات لها في أي عمل جماعي يراد له النجاح.

في الألعاب الرياضية الجماعية، حيث نتائج المباريات هي مؤشرات فورية قابلة للقياس نجد أن الفرق الرابحة هي ذات اللعب الجماعي الذي يسعى لإحراز الأهداف وفق الخطط الجماعية، ويقدم اللاعبون فيها مصلحة الفريق على أنفسهم، يلعبون جيدا، ويبذلون جهودا جبارة، ويضحون بأدوارهم الفردية من أجل الهدف الأكبر، بينما عند الخسارة ترى أن من ضمن الأسباب عدم إيمان الفريق بأهداف وقيم الفريق المشتركة، وكما في الألعاب الرياضية يجب على أعضاء أي فريق عمل في أي مجال أن يجعلوا المصلحة الأعلى للفريق نصب أعينهم ذلك هو قانون الصورة الكبيرة، الهدف أهم من الدور.

إن صنع الصورة الأكبر، يتطلب وجود رؤية وأهداف وطرق تحقيق يشارك فيها الكل لكي يكون الفريق متحمسا لأدائها على أكمل وجه، وهذه المهمة غالبا ما يكون للقادة دور رئيسي في دفع صناعة الرؤية والتعبير عنها أي أنهم يجب أن يروها ويساعدوا أعضاء الفريق لرؤيتها. وهنا لا بد من رسم دور لكل شخص في الفريق يلعبه، وكل دور يساهم في صنع الصورة الأكبر ولا يستطيع الفريق أن يحقق أهدافه دون اتباع هذا المنظور. ومع رسم الأدوار والمسؤوليات للأعضاء، لا بد أن تمارس هذه الأدوار بكل مسؤولية ودقة، ومن الطبيعي في كل عمل أن تحصل بعض الهفوات الشخصية أو التجاوزات للأدوار المرسومة، فعندها يتوجب على الأعضاء أن يعوا الصورة الكبيرة بهدف تحقيق المصلحة العامة للفريق مع معالجة هذه الهفوات في مستقبل العمل والاستفادة من الدروس، وبذا ينهض عمل الفريق أو المنظمة وتزهو بأفرادها الواعين للصورة الأكبر.. يجب رسم الصورة الكبيرة والتي تتطلب أن يتخلى الأعضاء عن التشبث بما يمهد للتمجيد الفردي واضعين في عين الاعتبار أن الأفراد يحرزون النقاط لكن الفريق يفوز بالمباريات.. وكما قيل، «إن كنت تظن أنك أنت الصورة بكاملها، فلن ترى الصورة الكبيرة أبدا».