وسيمة العبيدي

احتاج بعض سكان جزيرة نائية لبعض الزيت للطبخ والتدفئة، فقام حارس المنارة الطيب بمساعدتهم وذلك بمنحهم بعض الزيت الذي يستخدمه لإشعال المنارة لإرشاد السفن التي تحمل الوقود والمؤن لأهل الجزيرة، والنتيجة كانت عدم إشعال الحارس للمنارة بسبب نفاد الوقود فلما وصلت السفن ليلا حدثت الكارثة. حيث اصطدمت السفن بالجزيرة وضاعت حمولتها التي كان ينتظرها سكان الجزيرة وذلك بسبب قرار خاطئ بتقديم المهم على الأهم.

ينزعج الكثير منا في هذه الأيام من رنين الهاتف فنتسابق للرد عليه لإسكاته، وينبهنا صوت سيارة الإسعاف المرتفع إلى ضرورة الابتعاد اللحظي عن طريقها في سبيل إنقاذ حياة من فيها. كثيرا ما يخوننا حدسنا في التفريق بين العاجل والمهم، وخصوصا إذا كانت أيامنا مليئة بالأشياء العاجلة كرنين الهاتف أو استقبال الرسائل والمنشورات الإلكترونية كما في وقتنا الحالي.

تحدثنا سابقا عن تميز الإنسان بقدرات كإدراك الذات، الخيال، الوعي والإرادة، وكيف أن الحرية الشخصية هي تصرفات الإنسان واختياراته بكامل إرادته المبنية على قناعته وليس على ما يمليه عليه من حوله، مما يعني قدرته على اتخاذ القرارات وتحديد الخيارات بشكل مستمر وقدرته على ترتيب تلك الخيارات على حسب أهميتها، لأن النجاح كما نعلم هو تحقيق أهداف كبيرة في فترة زمنية قياسية، مما يعني أهمية الإدارة الجيدة للوقت وللمهام وذلك ما يقودنا للعادة الثالثة من العادات السبع للناس الأكثر فاعلية، وهي الإدارة الشخصية عن طريق تحديد الأولويات والبدء بالأهم ثم المهم للاستفادة القصوى من الوقت.

ومن المهم معرفة أن هناك أربعة احتياجات بشرية أساسية يجب إشباعها ليشعر الإنسان بالرضا عن نفسه وعن حياته، وهي احتياجات اجتماعية، جسدية، عقلية، روحية. ويجب الموازنة بين تلك الاحتياجات وعدم توجيه الاهتمام ناحية احتياج دون الآخر وإلا اختل توازن الحياة وشعر الإنسان بعدم الاستقرار وعدم الرضا. ويرتبط إشباع تلك الأربعة الاحتياجات بتعريف أدوارنا في الحياة، المهام المتعلقة بكل دور وبكيفية إنجاز تلك المهام.

وقد مرت البشرية بأربعة أجيال لتنظيم الوقت. الجيل الأول والذي يتمثل في وضع الإنسان للمهام التي يريد أن ينجزها بخصوص أي حاجة من حاجاته الأربع في قوائم ومذكرات. ثم جاء الجيل الثاني والذي تميز بالنظرة المستقبلية في التخطيط والتنظيم عن طريق جدولة المهام المستقبلية وتخصيص وقت لكل مهمة. أما الجيل الثالث فأضاف على كل ما سبق تحديد الأهداف والأولويات والوقت والجهد الضروري لإنجازها. وبالرغم من الإدارة الفعالة للوقت إلا أن الناس بدأوا يشعرون بأنهم مقيدون بالوقت وبتعارض ذلك مع احتياجاتهم البشرية والاستمتاع بلحظاتهم اليومية. إذاً الحاجة للتوازن بين تحقيق الأهداف والرضا عن النفس عن طريق إشباع الاحتياجات البشرية هو ما خلق الجيل الرابع للوقت. ويمكن تلخيص توجه الجيل الرابع في أن هنالك عاملين متعلقين بأي نشاط ما وهما العجالة والأهمية. فهنالك أشياء مهمة وعاجلة، أشياء مهمة وغير عاجلة، أشياء غير مهمة وعاجلة، وأخيرا أشياء غير مهمة وغير عاجلة.

فالأشياء العاجلة غالبا ما تتحكم فينا حتى وإن لم تكن مهمة؛ لأننا نراها ملحة وتتطلب تصرفا سريعا. أما الأشياء المهمة فتتعلق بالنتائج، فإذا كان النشاط له علاقة برسالتك في الحياة وأهدافك فهو مهم ويتطلب المبادرة في أعطائه حقه، وذلك بتذكير النفس المستمر بالنهاية التي نريد الوصول لها لتحقيق النصر على الصعيد الشخصي.