خالد الملحم

تأتى لائحة الذوق العام بقرارات واضحة وحازمة صادرة عن مجلس الوزراء الموقر بجلسته المنعقدة بتاريخ 4 /‏ 8/‏ 1440هـ، برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ال سعود -حفظه الله- كسياق حضاري في خضم ما نراه اليوم من سلوكيات غير مقبولة عبر مجريات الحياة اليومية، فقد فرضت لغة العصر الحديث ومؤثراتها سيطرتها على مظاهر التعايش اليومي وتفاعلات الحياة، مما أدى إلى انتشار أساليب التعامل السلبية وطغيان الصيغة المادية والتفكير أحادى البعد، وانتشار قيم الأنامالية والفردية وغلبة المصلحة على الأبعاد الإنسانية وتدنى لغة التواصل المباشر أو غير المباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ولهذا تعتبر لائحة الذوق العام سياقا مبنيا على قواعد أخلاقية وقانونية ملزمة لتصبح تلك اللائحة بمثابة قانون جديد ينطلق من بوتقة القيم الأخلاقية التي تنبع من قيم الدين الإسلامى، وذلك سعيا لإعلاء الشأن العام وتصحيح العوار في سلوكياتنا اليومية وإضافة سمة التراحم والتسامح لتغلف تفاعلاتنا اليومية، والحفاظ على ما تراه العين وما تسمعه الأذن، فهذه اللائحة تهدف إلى إشاعة المحبة والتراحم والحفاظ على الود والأخوة بين المواطنين عبر مراعاة الآخر وتقديره واحترامه، فلكل منا ظروفه وضغوطه أين كان ومهما كان، ويجب علينا إعلاء قيمة الإيثار وحب الآخرين والتعاون لتحقيق الترابط والتساند، فما أجمل أن تنتشر الكلمة الطيبة في حديثنا، والحرص على الممتلكات العامة لإتاحة رؤية كل ما هو طيب ومنمق مما يشيع الراحة والهدوء في نفوس المواطنين وتقدير كل ما هو جميل يسر الناظرين، فإن أجمل ما في الحياة أن يرزق الله الإنسان الأدب والذوق، حيث إن صاحب الذوق الرفيع قادر على استجلاب القلوب، وقد حان الوقت للتخلص من السلوكيات السلبية التي تنشر الإحباط والقلق والغضب وتولد الكراهية والعدوان بين الآخرين، يجب العودة إلى قيم ديننا الحنيف وأن نلتزم بوصية الرسول -عليه الصلاة والسلام- بحسن الخلق، «فلما سئل الرسول -صلى الله عليه وسلم- أى المؤمنين أفضل إيمانا؟ قال: أحسنهم أخلاقا»، لأن الأخلاق تولد الالتزام القيمى القائم على فهم وإدارك قيم الدين الإسلامى، لهذا تعد لائحة الذوق العام طرحا جديدا لخلق حالة من الرقى الأخلاقي والسمو في صياغات التعامل بين المواطنين في ظل منظومة حقوق الإنسان وتأكيد على إشاعة المحبة والتعاون بين المواطنين، وقد أكدت لائحة الذوق العام على أهمية الاحتشام والحفاظ على الشكل العام بأسلوب لائق وارتداء الملابس المناسبة، بما لا يخدش الحياء العام، أيضا استخدام الألفاظ اللائقة والعبارات المناسبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما يحافظ على السلوك الحضاري والقيمى عند تبادل الرسائل والحوار، وفى ذلك كله حفاظ على تراثنا وقيمنا وإحياء للأخلاق الكريمة في حياتنا، ولهذا تعد هذه اللائحة نقلة نوعية تحث على الالتزام بقواعد السلوك الحضاري والإنسانى في إطار القيم التي تستهدف الرقى والتطور.