ألباب كاظم-الدمام

الإعداد المتأخر والفساد والأهواء الشخصية أبرز أسباب تخلف الرياضة العربية

عزا مثقفون الحضور الباهت وشبه الهامشي للرياضة العربية في أولمبياد بكين إلى حزمة من الأسباب في مقدمتها غياب إعداد الرياضيين من الصغر، وتحكم الرغبات والميول الشخصية، والاهتمام الظاهري وغير الجاد. وكانت (اليوم) توجهت إليهم بعدد من التساؤلات التي تسعى من خلال طرحها إلى تلمس الأسباب المحتملة لما يعد إخفاقا عربيا سافرا في بكين.وتحدث الكاتب محمد العصيمي شارحا:»قلت في أكثر من مناسبة،إننا نحن العرب لكي نكون على قدم المساواة مع الآخرين في المحافل الدولية، سواء أكانت محافل ثقافية أم اقتصادية أم رياضية،أو حتى محافل تهتم بالشأن الاجتماعي والحوار وحقوق الإنسان على اختلاف ظواهرها وبواطنها، لابد أن نملك القوة التي تضعنا في موضع متقدم، يقوم على المنافسة الحقيقية والحضور المشرف، نحن وإن كنا نغالط أنفسنا كثيرًا في هذا الجانب، لسنا أكفاء كأمة عربية في مقابل أمم الشرق والغرب،لنحقق انتصارات مرموقة إذا ما شاركنا في محفل من هذه المحافل».وأبدى العصيمي عدم تفاجئه بالمستوى الباهت للحضور العربي في أولمبياد بكين لأنه يعلم علم اليقين من خلال متابعاته للمشهد العربي العام والمشاهد القطرية الخاصة أن ما يحرك إراداتنا الرياضية إلى الآن هو الأهواء والرغبات الشخصية لكبار المسئولين الرياضيين،وأضاف موضحا:» الرياضة في الدول العربية هي عبارة عن حياض شخصية تحكم من قبل أشخاص وليس مؤسسات مبنية على أصول وقواعد التربية الرياضية،وهؤلاء الأشخاص بينهم وبين بعضهم ما صنع الحداد من المواقف التي تؤثر في المعطى الرياضي، أيا كان نوعه، ولا يخلو الأمر بطبيعة الحال، من فساد تطغى صورته على ما نسميه المنظومة الرياضية كما تطغى على المنظومة الاقتصادية والثقافية والاجتماعية.» ويرى العصيمي في الرياضة شأنا لا يختلف عن باقي نواتج المجتمع بحيث من العسير عليها وفق سيرورتها تحقيق إنجازات إيجابية طالما أنها ليست معزولة عمّا يجاورها ويداخلها من أدران ونواقص تتسبب في تراجعها وتدني مستوياتها في المنافسات الإقليمية أو الدولية.ووجد في إهدار الملايين استعدادًا لتلك المشاركات والتي لا تُحصد وراءها سوى الريح وحفنة ميداليات لا تتعدى أصابع اليد الواحدة أكثر ما يغيظه ومكرِّرًا ذكره لظاهرة الفساد. ومضى قائلا :» إذا أردنا معالجة قصورنا وتخلفنا عن ركب الآخرين لا بد أن تُكشف ظاهرة الفساد وتوضع على محك المحاكمة الوطنية والاجتماعية،إذ لا يعقل أن تصرف بعض الدول العربية ميزانيات ضخمة على برامج مشاركاتها الرياضية ثم تأتي نتائجها على هذا النحو،بينما تصرف دول أقل من هذه الميزانيات بكثير وتحقق معدلات مرتفعة من الذهبيات والفضيات»واصفًا الأمر بأنه محتاج إلى وقفة صادقة مع النفس وإلى محاسبة المقصرين وإلى اعتراف بأننا تحت خط المنافسة في هذه المحافل داعيًا إلى توفير هذه الميزانيات الضخمة. في حين طالبَ القاص جعفر الجشي بإعادة النظر في مدى الاهتمام المبالغ به بالرياضة،وإلى ضرورة عمل دراسة جديدة تهتم بالرياضة ليس من أجل تقليص ميزانياتها ،أو التقليل من شأنها، بل من باب دراسة «جدوى»ووصف الرياضة بأنها نوع من أنواع السفارة لأي بلد،ورمزاً من رموزه و أن البلدان التي تهتم بالرياضة على نحو استثنائي لا بد أن تحقق أرقاماً توازي ذلك الاهتمام. وتابع قائلاً:»رغم أن دولة جامايكا وعلى جميع المستويات ليس لها وزن كبير إلاّ أنها تحقق أرقاماً ممتازة في عدد من الرياضات،لكننا حتى الآن – كعرب- لم نحقق شيئاً يذكر، لأننا ببساطة نهدر أموالنا في مجال نعتقد أننا سنحقق من خلاله شيئاً على مستوى العالم فدخول عدد من الفرق العربية لنهائيات كأس العالم وعلى مدى عدد من السنوات قد يعتبر رقماً خجولاً جداً نظراً لما حققته دول أخرى مثل كرواتيا وهي أفضل منا بكثير لأنها تصل إلى أدوار «النصف النهائي وربما الربع النهائي» بينما نكتفي نحن بالأدوار الأولى فقط لنخرج من أول ضربة!» وأوضح الجشي أننا لسنا بصدد إلغاء الألعاب الرياضية أو تقليل حصة الرياضة من المدارس أو إلغاء الملاحق الرياضية المطبوعة والتي يصرف عليها بسخاء في جميع الصحف السعودية والعربية مرجعًا ذلك إلى كون الرياضة مهمة جداً وربما تخفف من تطرف الشباب وتوجههم باتجاه مفيد،بالرغم من حاجتنا إلى إعادة النظر في تأثير الرياضة على تطورنا حضارياً وفكرياً مع أنه أيضًا من غير المجدي تعليق كل خيباتنا على تخلفنا الحضاري والزعم أنه السبب الرئيسي وراء كل تعثر يحدث لنا ومن غير المجدي الندب وتقديم البكائيات في كل نائحة على حدِّ قوله. وأضاف:» إذا كنا نريد الاهتمام بالرياضة فلا بد أن نسعى لتطويرها بشكل حقيقي أما الاهتمام الظاهري فلن يحقق شيئاً وليثبت لنا الرياضيون أنهم يتحملون المسؤولية». وتمنى الجشي أن يحقق الرياضيون أمله من خلال كون الأرقام الكبيرة لا تأتي إلا من الأرقام الصغيرة،وأن مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة ، واختتم كلامه بتساؤله:» فهل سيحقق الرياضيون ذلك؟.»من جهته أوضح الكاتب نجيب الزامل أنه لو كانت الظروف السياسية أو الاقتصادية هي السبب لما فازت دول أفريقية وجزيرة في الباسفيك لم تكن تصنع منذ سنوات إلا مشروب (الرَم)..وفيهم كل أنواع الدكتاتورية والتعسف والفقر والمرض .رادًّا سبب النجاح إلى الإعداد الصحيح للرياضيين منذ الصغر، مضى قائلا:»وهذا حاصل في روسيا والصين وأمريكا ودول شرق أوربا، بينما نحن لا نعرف أن نصنع الرياضي بل نتلقاه جاهزا،والمباني أيضًا نهتم بها ولكن ليست المباني ولا التجهيزات التي نحضرها بالمال هي سبب النجاح،بل السبب يتمثل في الإعداد منذ الصغر خصوصًا إذا ما عرفنا أن بعض أقاليم روسيا تتدرب أطفالها على الجمباز والرقص في حظائر البقر ،أو أن يكون الرياضيون مزودين أساسًا بقدرات استثنائية بحكم طبيعة حياتهم، مثل عدائي أفريقيا فهم يجرون في طبيعتهم الحرة ثم تلتقطهم أعين الخبراء لتزودهم بتقنية المضامير. ووصف الزامل رياضيينا بفاقدي العضلة والمرونة بسبب أكلهم غير الصحي وطبيعة الحياة الكسول و تأخر فترة التدريب حيث لا يتمرنون إلا في ساعات التدريب المعدة لذلك، أما في خارج هذه الساعات و الساحات فلا يتمرنون، ولفت إلى أن الانتماء الوطني لا يّعد سببا أو تبريرا للنجاح أو الفشل حيث معظم البطولات فردية، مضيفا:» ولمن يخلص الفرد أكثر من نفسه؟لا أحد!».