سالم اليامي

شهر أبريل من كل عام ميلادي يكون هو الشهر الذي يكثر فيه اللغط حول كذبة أبريل الكذبة البيضاء أو المسموحة للناس فيما بينهم، وعلى الرغم من أنني لا أعرف سبب هذه العادة ولا كيف نشأت فإن هناك حدثا نتذكره نحن في الخليج في كل مرة يمر علينا شهر أبريل، هذه الحادثة هي جريمة أطول اختطاف لطائرة مدنية بركابها في التاريخ، حيث بقي الركاب الذكور فقط على متن الطائرة مع طاقمها من الذكور أيضا لمدة ستة عشر يوما كاملة، وتنقلوا عبر ثلاث محطات الأولى مطار مشهد الإيراني ثم مطار لارنكا في قبرص ثم مطار هواري بو مدين في الجزائر.

طائرة الجابرية كانت في رحلة مجدولة من تايلند للكويت، أقلعت الرحلة بشكل طبيعي ولَم يعلن الخاطفون عن أنفسهم إلا عندما اقتربت الرحلة من الأجواء العمانية حيث أعلنت رحلة مخطوفة ووجه الخاطفون بأن يتم الهبوط في مطار مشهد الإيراني، البداية كانت كما تراكمت شهادات الركاب عبر ثلاثة عقود من الزمن عملية اختطاف بالسلاح الأبيض إلى أن تم الهبوط في مشهد وتناثرت أقوال بأن عدد الخاطفين تضاعف، وأصبح لديهم قنابل يدوية وعبوات ديناميت حصلوا عليها من البر الإيراني!! ومكثت الطائرة في هذه المحطة حوالي أربعة أيّام وهذه النافذة تعيدنا إلى السؤال لماذا هذا يحدث لبلد جار هو الكويت من إيران؟ المهم تذكر الروايات التي أصبحت تاريخية بعد هذا الوقت أن السلطات الكويتية حملت المسؤولية عن سلامة الركاب للسلطات الإيرانية ويذكر أن السلطات الكويتية طلبت من إيران تدبر الأمر بعدم السماح للطائرة بالمغادرة، فما الذي حدث بعد الأيام الأربعة؟ تم تزويد الطائرة بالوقود، وتم التحاق خاطفين جدد لمن هم على متن الطيارة بالأساس، وتم تعزيز أسلحة الخاطفين نوعيا، ثم سمح للطائرة بالمغادرة تحت حجج عدم القدرة على السيطرة على الخاطفين!! كانت الوجهة إلى لبنان الذي كان في ذلك الزمان يخضع تقريبا لسلطات الوجود السوري ولنفوذ الميليشيات ومنها ميليشيا حزب الله الذي ينتمي الخاطفون إليه، والتي كانت مطالبهم الإفراج عن منفذي تفجيرات بحق سفارات ومنشآت أمنية واقتصادية في الكويت تعتقلهم السلطات الكويتية. تم رفض استقبال الطائرة في مطار بيروت بعد طلب كويتي من سوريا، فتوجهت الطائرة إلى قبرص وحطت في مطار لارنكا في آخر ربع ساعة قبل نفاد الوقود وسقوط الطائرة التي حلقت في سماء لبنان لثلاث ساعات. في لارنكا بقيت الطائرة أربعة أيّام رفض فيها الخاطفون الإفراج عن الرهائن وإنهاء حالة الاختطاف وقتلوا اثنين من الركاب وقذفوا جثتيهما على أرضية المطار إظهارا للجدية والحزم فيما ينوون عليه، وأطلقوا سراح اثنين من الركاب أعلنوا أنه لدواع طائفية! السلطات الكويتية كانت تتابع الوضع عن كثب وكل وكالات الأنباء كانت تضع حدث الجابرية في المقدمة، وينقل البعض أن قناة سي إن إن الأمريكية بثت تغطية مستمرة للحدث كانت الأولى في تاريخ المحطة. الفريق الكويتي الذي كان يفاوض الخاطفين كان حازما في رفض إملاءاتهم.

وأخيرا أقلعت الجابرية في محطتها الأخيرة بعد التزود بالوقود من قبرص واتجهت إلى الجزائر وبعد تسعة أيّام عصيبة توصلت السلطات الجزائرية إلى تسوية مع الخاطفين تم بموجبها مغادرة الطائرة وإطلاق سراح الرهائن من قبل الخاطفين بشرط عدم ملاحقتهم.

احتفل أهل الكويت ومعهم أهل الخليج بسلامة الركاب والطائرة وبقي في البال غصة من مقتل مواطنين كويتيين بريئين، حتى في السياسة الجروح تشفى لكنها تترك ندوبا لا تختفي مع الزمن خاصة إذا كان الجار يقامر بكل شيء ابتداء من أمن الأوطان والناس. إيران وحرسها الثوري الذي يصنف اليوم كأحد أدوات الإرهاب والشر في منطقتنا وفي العالم بالإضافة إلى أذرعتها التخريبية في الوطن العربي في طليعتها حزب الله كلٌ سائر إلى الزوال.