حاوره بالقاهرة - حسام أبوالعلا

وكيل وزارة حقوق الإنسان باليمن نبيل عبدالحفيظ:

قال وكيل وزارة حقوق الإنسان باليمن: إن المملكة تمكنت من إنقاذ المنطقة العربية من ظهور دولة إيرانية جديدة بعد نجاحها الكبير في قيادة التحالف الداعم للشرعية والجيش اليمني، ولفت إلى أن منظمات أممية ودولية تضخ تقارير يومية تتضمن مغالطات وأكاذيب عن حقيقة ما يجري على الصعيد الميداني من أجل تبييض صورة الانقلابيين في وقت ترتكب فيه الميليشيات كافة أشكال الانتهاكات والخروقات الإنسانية.

وشدد نبيل عبدالحفيظ في حديثه لـ«اليوم» على أن إيران وقطر تقفان خلف التخاذل المريب لعدد من المنظمات الدولية على مجازر ميليشيات الحوثي ضد أبناء الشعب اليمني، التي كان آخرها في حجور وكشر، مشيرا إلى أن عرقلة اتفاق السويد تعني العودة إلى مربع العمليات العسكرية، فإلى نص الحوار..

كيف ترى دور المملكة في القضية اليمنية؟

- منذ بداية عاصفة الحزم ونحن نؤكد أنه لولا هذا الموقف العربي العظيم بقيادة المملكة لاستطاعت ميليشيات الحوثي الانقلابية المدعومة من نظام إيران أن تفرض سيطرتها على أنحاء اليمن بقوة وتنتصر لمشروعها الطائفي، كما سطت واختطفت أجهزة الدولة في العاصمة صنعاء وبعض المحافظات اليمنية، واليوم الانقلابيون يسيطرون على 15% فقط من مساحة البلاد، لكن لو غضت الرياض الطرف عن تحركاتهم المشبوهة ولم تتحرك لقيادة التحالف العربي لردع هذه الأطماع؛ ربما لأصبحت اليمن تابعة للملالي، وبدون شك فإن الدور السعودي القوي أنقذ المنطقة العربية من ظهور ولاية إيرانية أخرى.

عبدالحفيظ يرد على أسئلة المحرر (اليوم)


كيف ترى صمت منظمات الأمم المتحدة على جرائم الحوثيين؟

- ننظر بكثير من الأسى لهذا الموقف الأممي المريب، الذي يرجع لعدة أمور، أبرزها: استمرارية بقاء المنظمات الدولية والإنسانية في صنعاء ورضوخها للتقارير، التي تقدم لها من الحوثيين وقبول ما تفرضه عليها هذه الميليشيات بتوظيف أعداد كبيرة من الموظفين المحليين من أفراد ينتمون للجماعة الانقلابية، الذين يضخون يوميا تقارير كثيرة خاطئة تتضمن مغالطات وأكاذيب عكس ما يجري على الصعيد الميداني؛ من أجل تبييض صورة الانقلابيين في وقت ترتكب فيه هذه الميليشيات كافة أشكال الانتهاكات والخروقات الإنسانية، كما لا يمكن إغفال ما تعانيه هذه المنظمات الدولية ذاتها من فساد في أنشطتها وأكبر دليل على ذلك ذهاب كثير من المساعدات إلى أيدي الميليشيات لدعم مخططاتهم الإرهابية بإشعال الحرب بدلا من أن تصل إلى مستحقيها، وهذه الإشكاليات المعقدة انعكست على شكل هذا الموقف المتخاذل والمهين لهذه المنظمات الدولية التي تتعمد أن «تتعامى» بشكل واضح عن تلك الجرائم، للأسف الشديد هناك ما يزيد على 40 ألف انتهاك خلال الأعوام الأربعة الماضية، ولا نجد بالمقابل موقفا حقيقيا للمنظمات الدولية وعلى رأسها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، التي أرسلت إلينا فريقا مرة واحدة وتفاجأنا به يصدر تقريرا أبسط ما يقال عنه: إنه تقرير حوثي بامتياز.

كما لا ننسى أن المنظمات الدولية تتباكى فقط على وضع اليمن بدون قرارات قوية تدين الجاني؛ أي أنها تصدر فقط أقوالاً بدون الأفعال، لكنه ليس مستغربا على جهات تعمل وفق توجهات معينة لدول تريد إشعال أزمة اليمن وإطالة أمدها وعرقلة أي حلول سلمية، هذه المنظمات ارتضت بالبقاء في صنعاء والتعاطي بشكل طبيعي مع الميليشيات الانقلابية وشرعنتها، في وقت يجب أن تكون هناك قوة وصرامة مع جماعة انقلبت على الشرعية وتلقت تمويلات من الخارج من أجل تدمير دولة ذات سيادة.

ومن المواقف التي تعكس الفوضى والفساد في عمل المنظمات الدولية والحقوقية ومَنْ تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان، العثور على كشوفات مزورة أعدتها الميليشيات عن وصول ما يسمى «السلة الغذائية» للموظفين لتعويضهم عن توقف رواتبهم الشهرية، وبالتأكد من مؤسسة «الثورة» للصحافة التي يعمل بها نحو ألف موظف؛ أفاد مسؤولوها بأنهم لم يتلقوا أي تعويضات من هذا القبيل، كما أن هناك 12 ألف سلة غذاء أخرى موقعة بأسماء موظفين في عدد آخر من الجهات الحكومية بالدولة يتم التعامل معها بهذه الطريقة.

وقد أعلنا في مؤتمر «أصدقاء اليمن» الأخير بجنيف في فبراير الماضي، أننا لن نقبل من المنظمات الدولية إلا بدور موازٍ على الأرض والتخلي عن الاكتفاء بالتقارير المضللة، التي تأتيها من جهات مأجورة عبر عملاء يسعون للاستمرار في خراب اليمن، وشددنا على ضرورة مشاركة الكوادر النسائية، لأن الإحصائيات تثبت أن النساء أقل فسادا من الرجال.

مَنْ وراء هذه المواقف المشبوهة للمنظمات الدولية؟

- يجب ألا نجهل قوة اللوبي الإيراني والدعم القطري المالي لجهات عديدة سواء كانوا أفرادا أو منظمات داخل الأمم المتحدة، الإيرانيون في هذه المنظمات «كادر» كبير يصل إلى نحو 500 شخص؛ لذلك فنحن أمام قوة معادية كبيرة تحشد كافة قواها السياسية والمالية من أجل تعميق الأزمة اليمنية بغرض تحقيق أهداف ومصالح، وهنا تكمن الأزمة ويجب الانتباه بقوة لخطورة المساعي الإيرانية لتمزيق اليمن من أجل زرع ميليشيات جديدة تتمثل في جماعة الحوثي الانقلابية لتكرار ما حققته في لبنان بزرع «حزب الله»، فيما تنفذ قطر ما يملى عليها من دول تأتمر منها وفقا لمقتضيات سياستها الخارجية، ويعد النظام القطري أحد التابعين بقوة لمخططات نظام الملالي الإيراني، الذي يبحث عن استعادة أوهام الدولة الفارسية، فضلا عن تأسيس دولة دينية من شأنها تأجيج الخلافات الطائفية، خصوصا في منطقة الخليج.

وبرأيي إذا كان الجيش اليمني يخوض معارك شرسة على الأرض ضد ميليشيات الحوثي المدعومة من نظام الملالي الإرهابي بالأسلحة والمعدات العسكرية الثقيلة ومن «نظام الحمدين» بملايين الدولارات، فإننا في وزارة حقوق الإنسان اليمنية وزملائنا في «الخارجية» وكافة العاملين في الحقل الدبلوماسي العربي نواجه حربا أخرى على مستوى المعلومات والتضليل، التي تنفذها جهات تدّعي أنها حقوقية وأخرى إعلامية تديرها الاستخبارات الإيرانية والقطرية؛ تشن مخططات موجهة للرأي العام العالمي والمنظمات الدولية، بل وتستخدم طهران بشكل واضح المصالح الاقتصادية مع الغرب الأوروبي بالذات لتكون مواقف داعمة ولو بشكل مستتر مع الميليشيات، أو التستر على الكثير من جرائمها، التي تتطلب تحقيقا دوليا وتقديم عناصر الحوثي إلى المحاكمة إذ لا تقل جرائمهم وانتهاكاتهم عما يقترفه مجرمو الحرب.

لماذا تورطت قطر في التآمر على اليمن؟

- قطر دويلة صغيرة تبحث عن دور أكبر من حجمها بكثير، وعندما فشلت في تحقيق ذلك، بدأت في الانضمام لكافة التحالفات التي تتآمر ضد القضايا العربية وهو ما دفعها للتعاون مع إيران في تخريب وتدمير اليمن بأمل أن تكون هذه الدولة بؤرة يحققان من خلالها أطماعهما؛ لا سيما في ظل ما يتمتع به موقع اليمن جغرافيا وإستراتيجيا، علينا أن نعترف بدون مواربة بأن النظام القطري أصبح خنجرا في خاصرة الأمة العربية، ومؤخرا عندما فضحت مؤامراته، بات يتصرف بوجه مكشوف فهو الصوت النشاز في عصبة الوحدة العربية.

هل أحبطكم هذا التخاذل الدولي؟

- نحن في حرب من أجل الحق ومناهضة الانتهاكات، سنستمر ونصمد من أجل تقديم رؤيتنا ونوثق كافة الانتهاكات الحوثية ضد المدنيين العزل من أبناء الشعب اليمني، لأننا نؤمن تماما بأن الجرائم لا تسقط بالتقادم، وصوت الحق عالٍ مهما حاولت أساليب التضليل، التي تنتهجها كافة القوى المعادية لليمن أن تواجهه أو تسكته.

كيف ترد على ادعاءات الحوثيين بأن القوات الشرعية تنتهك أيضا حقوق الإنسان؟

- لو عملنا إسقاطا على ما يسمى منظومة حقوق الإنسان وبدأنا في الحق في الحياة وانتهينا إلى أبسط الحقوق مثل حق التنقل أو أي حق آخر، فسنجد أن الحوثي لم يبق أي حق من حقوق الإنسان إلا وانتهكه، وبالتالي هناك تعمد واضح بشأن ممارسة الانتهاك، وبطبيعة الحال أهمها إرغام المواطنين على التعامل معهم بقوة السلاح، ما يبين أن ذلك يعكس سياسة وعقلية وفكر هذه الميليشيات الانقلابية المجرمة.

مسرحية ديسمبر الحوثية وتسليم ميناء الحديدة لعناصر انقلابية (أ ف ب)


ما هي الخطوة المقبلة لحلحلة جمود الحل السلمي لقضية اليمن؟

- الخطوة المقبلة تتمثل في أحد مسارين لا ثالث لهما، إما إجراءات صارمة وعقوبات رادعة ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية لتطبيق بنود «اتفاق السويد»، خصوصا بعد تماديها في المماطلة والمراوغة ثم نقض ما تعهدت به في ستوكهولم والبدء بالالتزام بمخرجاته في منطقة الحديدة، والثاني هو العودة إلى مربع العمليات العسكرية وتحرير الساحل الغربي وما تبقى من مناطق تحت سيطرة الانقلابيين.

تحشيد في العاصمة المختطفة صنعاء معظمه من الأطفال المغرر بهم (رويترز)


ما أبرز الأرقام التي أسفرت عنها الحرب؟

- ما رصد منذ اندلاع الحرب اليمنية، نزوح نحو 3.7 مليون شخص ثلاثة أرباعهم من النساء والأطفال، وتعاني السيدات معاناة كبيرة جدا في المخيمات ففي «حجة» وغيرها توفيت نساء وعدد كبير من الأطفال بسبب البرد الشديد وعدم توافر وسائل للتدفئة إضافة إلى قطع كافة الوسائل لتأمين احتياجاتهم الأساسية.

وزاد عدد المتسربين من التعليم إلى 4 ملايين طالب بينما كان نصف هذا الرقم قبل الحرب، وتعد الفتاة هي الضحية الأكبر؛ فالأسر اليمنية أصبحت تحجم عن تعليم بناتها -أكثر- خشية تعرضهن لمكروه أثناء التنقل، وقد تضاعف هذا الخطر عشرات المرات منذ اندلاع الحرب وإثارة القلاقل والاضطرابات وهي تعد كارثة لمستقبل البلاد؛ إذ يتوقع أن يسيطر الجهل على الجيل الجديد إن استمر تزايد أعداد الطلاب المتسربين من التعليم، وما يعمق الكارثة أكثر أن الميليشيات الانقلابية قتلت براءة نحو 23 ألف طفل بعد إجبارهم على الانخراط في صفوفها وزجت بهم في الحرب وهو أبشع أنواع الانتهاكات.

كما تشير الأرقام إلى حجم ما يعانيه اليمن من كوارث، إذ إن 88% أصبحوا تحت خط الفقر بعد أن كانت النسبة قبل الحرب 61% وباتت اليمن من الدول المرشحة للسقوط في مستنقع المجاعة.

علاوة على ذلك، تزايد عدد ضحايا الميليشيات ليبلغ نحو 45 ألف قتيل وجريح، بينهم 14 ألفا من المدنيين، منهم ألف قتيلة و4.500 جريحة، و27 ألف مختطف ومختف قسريا، و10 آلاف في المعتقلات منهم 200 امرأة، وبعد فضح الانقلابيين حاولوا المراوغة بتلفيق تهم لأولئك السيدات بالتجسس والتخابر، وما حدث من جرائم في حجور وكشر يفوق ما حدث من بشائع في أصعب الحروب إذ أعدمت سيدات أمام أبواب منازلهن، وتم توثيق ما لا يقل عن 40 ألف انتهاك، والمأساة أكبر بكثير من هذه الأرقام لتعمد الميليشيات الانقلابية التعتيم وإخفاء حيثيات وفظاعة جرائمهم.