كلمة اليوم

المسافة ما بين مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في نسخته الثالثة والمتميزة والفريدة، والذي يوشك إغلاق أبوابه بعد شهر من الفعاليات والسباقات التي حشدت إليه الآلاف، وبين معرض الرياض الدولي للكتاب الذي بدأ فعالياته مؤخرا، وبدأ يحشد أنصاره إليه، هي ذات المسافة ما بين الحلم والإرادة والتطبيق، بمعنى أننا وفي إطار واقعات رؤية السعودية 2030 الحاشدة، لم نعد بحاجة إلى أن ننفق اهتمامنا باتجاه واحد بعدما أصبح بحوزتنا جملة من الخطوط المتوازية التي يمكن أن نشتغل عليها وننجزها في وقت واحد، وبعدما أشاعت الرؤية الحق للجميع كل في مجاله أن يحلم، ويستنفر إرادته وينجز ما حلم به بنفس الوقت. على سبيل المثال.. لو أخذنا بعض الفعاليات التي تمت على مساحة زمنية صغيرة في غير مكان ابتداء من مهرجان الصيد إلى شتاء طنطورة إلى مهرجان الإبل إلى معرض الكتاب وغيرها، لوجدنا فعلا أننا أمام معادلة تقتضي تشغيل كل محركات المجتمع لبث الحيوية في أرجائه على اعتبار أن لكل نشاط مريديه وعشاقه والمهتمين فيه، وهي حقيقة أثبتتها الحشود الهائلة التي قطعت المسافات، وربما سافرت من مكان لآخر للوصول إلى هذه الفعالية أو تلك، ذلك لأننا توصلنا إلى الخلطة السرية للمجتمع الحي والنابه الذي يستطيع أن يحول مفاصل الوقت إلى طاقات إنتاج فاعلة، وحيوية، ونابضة بالحياة.

كنا فيما سبق نرهن معظم نشاطاتنا للإجازات المدرسية، والعطل الأسبوعية، مما حد من قدرتنا على استيعاب ما بين أيدينا من الإمكانيات، وفتح الباب على مصراعيه أمام شبابنا ومواطنينا للسفر إلى دول الجوار على وجه التحديد لملاقاة بعض الفعاليات التي يندر أن تأتي قبل أن تأتي بها الرؤية، وتفتح كل الطرق والمسالك أمام كل الأحلام لصناعة الحراك المنجز، الحراك الذي يثري ساحة الوطن، ويجعل المواطن والمقيم يستشعر قيمة المكان وثراء تنوعه، هذا على جانب الحراك بوصفه تعبير حياة، فضلا عن العائد الاقتصادي الذي يصب في الناتج المحلي أرقاما فلكية «يدركها الاقتصاديون»، كانت كثيرا ما تتسرب هنا وهناك إما على هيئة سياحة أو ترويح أو استجمام، قبل أن تتبلور هذه الرؤية المستنيرة التي استطاعت أن تختصر المسافة ما بين ثقافة الجمل وثقافة الكتاب، وما بين ثقافة الصيد، وثقافة النغم، وهكذا، مما جعلنا فعلا نعيش واقع المجتمع الحي الذي تتعدد اهتماماته ونشاطاته ومشاربه.