كلمة اليوم

في قمة شرم الشيخ مطلع هذا الأسبوع، التي جمعت القادة العرب بنظرائهم الأوروبيين، صب خادم الحرمين الشريفين رئيس وفد المملكة إلى القمة الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الماء البارد على التهمة الأكثر رواجا في صفوف أعداء المملكة من مدعي العروبة والمقاومة وحلفاء الفارسي، الذين ما تركوا منبرا إلا ورفعوا فيه عقائرهم، وزادوا فيه وتيرة لطمهم وبكائياتهم بذريعة أن المملكة قد فرطت في القدس، وباعت القضية الفلسطينية فيما يسمونه بصفقة القرن، وهي التي طالما نافحت عنها في شتى المحافل الدولية، والغريب أن هؤلاء الرادحين يعترفون ضمنا بقوة المملكة في الموقع الذي يريدون فيه أن يقللوا من شأنها، حينما يروجون لهذا الادعاء الديماغوجي الذي لا هم له سوى تملق الجماهير، والعبث بمشاعرهم تجاه القضية، في الوقت الذي يبرئون فيه ساحتهم، ومنهم من يقف على حدود فلسطين، فضلا عن تلك الجبهات الباردة التي لم تطلق رصاصة واحدة على مدى نصف قرن باتجاه أرض فلسطين المحتلة.

المملكة بكل تاريخها في دعم نضال الفلسطينيين، الذي لا يزال قائما حتى الساعة، ولم يتوقف لحظة واحدة حتى عندما تنكبت لها بعض الفصائل الفلسطينية، ولأنها ليست ممن يتاجرون بالقضية، فقد احتفظت بهدوئها رغم اشتعال تلك التهمة السخيفة في أوساط العامة ممن صدقوا من باع القضية عيانا بيانا بدق أسفين الشقاق بين رفقاء السلاح، وفرقوا بين الضفة والقطاع، ظلت تمارس دورها في الدفاع عن القضية الفلسطينية بوصفها قضية العرب المركزية عبر سلسلة من المواقف التي يشهد لها العالم، وصولا إلى قمة القدس التي احتضنتها الظهران.

وفي قمة شرم الشيخ الأخيرة استطاع خادم الحرمين الشريفين أن يبطل تلك التهمة حينما أعلن بوضوح موقف المملكة الذي لم يتزحزح قيد أنملة من قضية فلسطين إزاء حل الدولتين، وقيام الدولة الفلسطينية على حدود 1967م، وعاصمتها القدس ليخرس كل ألسنة التضليل. بقي أن نقول إن الملك لم يعلن عن موقف المملكة هذا في حديث عابر، ولا في زاوية مظلمة، وإنما أعلنه أمام قادة العرب والغرب وأمام العالم أجمع وفي مؤتمر دولي، وهنا يترتب على تجار القضية أن يفتشوا عن طرف آخر غير المملكة يحملونه أوزار صفقة القرن أو يخترعوا لهم تهمة أخرى ليخدروا بها أتباعهم ممن أغلقوا عقولهم، وربطوا الأعنة في رقابهم لمن يجرها إلى حيث الزور والتزوير.