كلمة اليوم

تشكل المملكة ومصر نظير تمتعهما بأثقال سياسية واقتصادية متميزة محورين أساسيين لحل الأزمات العربية العالقة، كما أن التعاون الممتد بينهما ساهم في نجاح المحادثات المثمرة التي جرت مساء أمس الأول بين خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وأخيه فخامة الرئيس المصري في شرم الشيخ، حيث تم استعراض العلاقات الأخوية الوثيقة بين البلدين الشقيقين، وآفاق التعاون المرتقبة بينهما على الآماد الطويلة، ولعل إنشاء مجلس الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الحمر وخليج عدن هو أحد ثمار المشروعات المشتركة السعودية المصرية المتمخضة عن التعاون بين البلدين. وقد ركزت مباحثات الجانبين السعودي والمصري على البحث في تعزيز وتنمية التعاون الثنائي بين البلدين، واستعراض مستجدات الأحداث في المنطقة وطرائق حلحلة أزماتها العالقة، كما أن مشاركة المملكة في القمة العربية الأوروبية تسهم بشكل إيجابي في حل أزمات المنطقة، ولها أكبر الأثر في التصدي للأخطار الإيرانية ومكافحة ظاهرة الإرهاب في أي مكان، ولا شك في أن الرياض والقاهرة هما أبرز من يتصدى لخطر تلك الظاهرة المحدقة بدول المنطقة.

ولا شك في أن مشاركة المملكة في القمة العربية الأوروبية بمدينة شرم الشيخ تمثل دفعة قوية وهامة لحل كافة القضايا العربية الملتهبة سواء ما تعلق منها بأزمة اليمن أو سوريا أو ليبيا، وتلك القضايا العالقة بحاجة إلى بلورتها وفقا لرؤية عربية أوروبية موحدة، يكون من شأنها التوصل إلى حلول عاجلة وقاطعة لها، وبحث تلك القضايا يهم الجانبين العربي والأوروبي، ويهمهما إبعاد دولهما عن خطر الإرهاب وويلاته.

وقد ركزت القمة ضمن ما ركزت عليه من مسائل على أهمية تجفيف منابع الإرهاب في المنطقة، بتنسيق عربي وأوروبي لمواجهة تلك الآفة والتصدي لمكافحتها، وهذا يعني أهمية زيادة التعاون العربي الأوروبي الذي من شأنه احتواء تلك الظاهرة، ومن شأنه أيضا بحث السبل الكفيلة بدعم التعاون العربي الأوروبي في كافة المجالات والميادين، لا سيما الاقتصادية والصناعية منها.

من جانب آخر، فإن المباحثات السعودية المصرية على هامش المؤتمر كان لها الأثر الفاعل في تعزيز رؤى التعاون المستقبلية بين البلدين الشقيقين، كما أن اللفتة التي أعلنها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - بالعفو والإفراج عن عدد من المصريين الموقوفين بالمملكة جاء تقديرا من مقامه، لما يكنه للشعب المصري من محبة، وهو موقف إنساني ثمنه فخامة الرئيس المصري، فهو يشكل مبادرة كريمة تعكس ما توليه قيادة المملكة من اهتمام ورعاية بالغة بمصر حكومة وشعبا. قمة شرم الشيخ عكست أهمية أمرين لهما أبعادهما على المستويين العربي والأوروبي، يتمحور الأول في ترسيخ العلاقات العربية الأوروبية في مختلف مجالاتها وميادينها، وهو ترسيخ سوف يعود بخيرات كبرى على دول الجانبين، والمحور الآخر يتمحور في تكثيف التعاون السعودي المصري لإنجاح كافة الخطوات المطروحة لحلحلة الأزمات العربية العالقة، والبلدان يملكان القدرة الكافية لمعالجة تلك الأزمات، والوصول بها إلى بر الأمان.