كلمة اليوم

منذ أن بدأت العلاقات بين المملكة وباكستان وهي في تطور ملحوظ ومشهود، متجاوزة أشكالها التقليدية إلى مرحلة أعمق وأشمل، فالزيارات المتبادلة على مختلف المستويات بين البلدين الصديقين تنم عن رغبة متواصلة لدعم وترسيخ تلك العلاقات، لا سيما أن روابطهما الدينية وسلسلة من التعاونيات في مختلف مجالات التعاون بما فيها الميادين الاقتصادية والثقافية والعسكرية تستدعي العمل لتطوير وتحديث وتجذير تلك العلاقات المتينة، وإزاء ذلك فإن زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع إلى باكستان، في أول محطة من محطات جولاته الميمونة مع بداية عام 2019، تحمل في طياتها التطلع إلى رسم آفاق تعاونية جديدة بين البلدين لا سيما في المجالات الاقتصادية تحديدا.

ومن المعروف أن مجلس الأعمال المشترك بين البلدين والذي تم إعادة تشكيله في شهر إبريل 2014 يعتبر أداة حيوية وفاعلة لتطوير المشروعات الاستثمارية السعودية الباكستانية، لا سيما في مجالاتها الاقتصادية، وقد شرع المجلس بالفعل في اتخاذ خطوات عملية لتطوير تلك المسارات، حيث أقيم أول ملتقى للاستثمار الباكستاني في شهر إبريل من العام المنفرط كنواة لتصعيد التعاون الاستثماري بين البلدين، حيث قدرت الاستثمارات الباكستانية في المملكة بنحو مليار ريال، كما أن حجم التعاون التجاري بين البلدين شهد تحسنا ملحوظا وفقا لإحصاءات عام 2017. من جانب آخر، فإن التعاون بين البلدين الصديقين في المجالات العسكرية آخذ في التصاعد منذ توقيعهما عام 1982على بروتوكول التعاون العسكري، حيث أرسلت باكستان إبان حرب الخليج الثانية ثلاثة عشر ألف جندي وستة آلاف مستشارعسكري التزاما بالدفاع المشترك ضد الأعداء، كما أن البلدين يشتركان منذ أعوام في تنظيم مناورات عسكرية متعاقبة، لعل أهمها مناورات «الصمصام»، التي تستهدف التنسيق بين القوات المشتركة في أرض المعارك من جانب، وتستهدف رفع الكفاءة الداخلية لتلك القوات لمواجهة كافة التهديدات المحتملة من جانب آخر، وقد نظمت مناورات عسكرية بحرية عام 2008 بين البلدين الصديقين، إضافة إلى العديد من المناورات الهامة لرفع مستوى الجاهزية القتالية بين البلدين.

وانطلاقا من تلك التعاونيات، فإن زيارة سمو ولي العهد لدولة باكستان سوف تركز على تطوير تلك المسارات في مختلف مجالاتها، لا سيما المجالين الاقتصادي والعسكري، كما سيتم التوقيع أثناء الزيارة على مذكرات تفاهم بين البلدين للاستثمار في قطاعات النفط والطاقة المتجددة والمعادن والأمن الداخلي والإعلام والثقافة والرياضة كما جاءت في تفاصيل وجزئيات رؤيتها الطموح 2030 ومن بينها تلك المتعلقة بتنمية الشراكات والتعاونيات بينها وبين تلك الدول لما فيه تفعيل تلك الرؤية والارتقاء بمعطياتها ومسلماتها.