أنيسة الشريف مكي

قرأت إعلانا في أحد المواقع، وشدني هذا الإعلان لحاجة البعض الذي أعرف لسائق، الإعلان «سائق غبي للتنازل» اتصلت برقم الجوال في الإعلان، ردت كفيلة السائق التي تريد التنازل عنه، سيدة وقور شفافة أمينة ذكرت سبب التنازل قالت: هو طيب بس غبي وأحياناً يسوي ذكي، وطبعاً الخوف الأكبر من خطر الغبي حين يظن نفسه ذكياً.

المهم بقدر ما أعجبت بأمانة السيدة بقدر ما أضحكني قولها، كتبت سابقاً عن صعوبة التعامل مع الأغبياء وأن التعامل معهم قد يؤدي للوفاة، كما أكدته دراسة أجرتها جامعة ليندبرج السويدية أن العمل مع أشخاص أغبياء يزيد من إمكانية إصابة الإنسان بالتوتر العصبي والضغط العصبي ما يؤدي للإصابة بالعديد من الأمراض، أخطرها الأزمات القلبية.

أُجريت هذه الدراسة على «٥٠٠ شخص» أصيبوا بالأزمة القلبية.. وعندما تمت مناقشتهم من خلال توجيه بعض الأسئلة عن طبيعة عمل كل منهم تبين أن 62% منهم كانوا يتعاملون مع أشخاص أغبياء، الأمر الذي تسبب في إصابتهم بالضغط العصبي الشديد أثناء العمل.

وحتى لا نحبط أو نمرض نضع في عين الاعتبار أن العالم ليس للأذكياء فقط أو حتى للعاديين وإنما يتسع لجميع أنواع البشر، ومن بينهم الأغبياء، ولله في خلقه شؤون.

وفي مقالي هذا أحاول أن أبسط صعوبة التعامل معهم وسهولة التعايش وذلك بتخفيض سقف التوقعات كما أشارت إليه بعض الدراسات، خاصة وأن العالم يتسع لجميع أنواع البشر ومن بينهم الأغبياء حتى العادي ينبغي خفض توقعاتنا العالية منه حينها لن نصاب بخيبة الأمل.

المثل الشعبي يقول «أصابع اليد ليست متساوية»، فلا يجب الاستهانة بالأغبياء، فليس ذنبهم أنهم لم يحصلوا على فرص في الأسرة والبيئة تعمل لزيادة ذكائهم، أو لربما مروا بظروف سلبية اضطرتهم للتبلد.

لنتذكر أن كل شخص حالة خاصة حتى لا نحبط، فلن نستطيع تغيير عقولهم، يقول ألبرت أينشتاين «الجميع عباقرة، ولكنك إذا حكمت على السمكة من خلال قدرتها على تسلق شجرة، فإنك ستعيش حياتك كلها تعتقد أنها غبية»، وهذا يعني أنه يجب النظر في حقيقة أن الشخص الذي نتعامل معه ليس غبياً، على الرغم من أنه أو أنها قد تكون غبية في مجال أو اثنين كنت تتوقع منه أو منها الذكاء، فزميلتك التي لا تستطيع جمع 7 + 9 قد تكون شاعرة رائعة. الشخص الذي لا يستطيع أن يفهم تعليماتك البسيطة قد يكون موسيقياً عبقرياً.

وطالما أن كل شخص حالة خاصة فلا نشفق على الغبي ولا نغضب منه، فالشفقة تؤلمه كما يؤلمه الغضب، والتعامل يكون باختيار الطريقة الأنسب للطرفين كالبحث عن المساحات والدوائر المشتركة للتعامل، والهروب من المنطقة الشائكة بدبلوماسية لا تؤذيه ولا تؤذينا.

أقول له زيدًا فيسمع خالدًا  ويكتبه عمرًا ويقرؤه بشراً.

يَعِي غَيْرَ مَا قُلْنَا وَيَكْتُبُ غَيْرَ مَا وَعَاهُ وَيَقْرَأُ غَيْرَ مَا هُوَ كَاتِبُ.