عبد الرحمن المرشد

المقطع الذي انتشر على وسائل التواصل الاجتماعي لأحد المواطنين من إسكان الحرس الوطني في ديراب بالرياض والذي يشتكي فيه من سوء النظافة وانعدام الصيانة وما سببته هذه المشكلة من إزعاج للأهالي اضطرهم لحمل أكياس النفايات بأنفسهم للخارج خلاف ما يسببه تراكم الأوساخ من أمراض، هذا المقطع يؤكد هامش الشفافية والحرية الذي ننعم به -ولله الحمد- في هذا البلد، رغم أن المواطن انتقد مؤسسة عسكرية لا يمكن الحديث عنها تلميحاً في أغلب دول العالم، فما بالك بالحديث عنها تصريحاً، ولو تجرأ أحدهم وفعل بالإشارة فقط لكان مصيره السجن فوراً.

الرائع في الأمر ليس هامش الحرية فقط ولكن في سرعة التجاوب الذي حظي به هذا الفيديو من أعلى سلطة في هذا الجهاز العسكري، وهو الأمير عبدالله بن بندر وزير الحرس الوطني، الذي حضر بنفسه والتقى بالأهالي واستمع إلى شكواهم بنفسه، ووعد بحلها، رغم أن بإمكانه إنابة من يقوم بهذا الأمر، ولكنها رسالة قوية إلى جميع العاملين في هذا الجهاز، المهم أن لا أحد يستطيع التنصل من المسؤولية، ويجب على الجميع متابعة أعمالهم بكل جد مصحوبة بسرعة في الإنجاز وبالأخص المتعلقة بالمواطن، وهي أيضاً رسالة لكل مسؤول يضع بينه وبين أصحاب الحاجات برجاً عاجياً لا يمكن الوصول إليه إلا بصعوبة، فالدولة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وهي تتخذ سياسة الباب المفتوح لكل صاحب حاجة أو شكوى وصولاً إلى هذا العهد الميمون عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز.

وزارة الحرس الوطني، خلاف أنها مؤسسة عسكرية يشار لها بالبنان، فهي تعتبر علامة مضيئة في سماء الفكر والثقافة على المستوى العربي، ولا يوجد جهاز عسكري في عالمنا العربي يجمع بين الأعمال الحربية والثقافية سوى هذا الجهاز من خلال مهرجان الجنادرية وما يصاحبه من حضور لأبرز المثقفين العرب والعالميين الذين أثروا الساحة الفكرية في عالمنا العربي بمئات الأبحاث والندوات التي ساعدت على تطوير الكثير من الأفكار في جميع مجالات الثقافة سواء الشعرية أو الروائية وغيرها، كما ساهم مهرجان الجنادرية في ضخ الكثير من الأبحاث المعمقة في مختلف صنوف العلم التي أثرت الساحة الأدبية والثقافية بنتاج علمي مميز، أيضاً لا ننسى ما يقوم به المهرجان من دعم للموروث والتراث المحلي من خلال إبراز نمط الحياة التي كانت سائدة في مختلف مناطق المملكة والصناعات التي كادت تندثر لولا جهود هذه الوزارة لإحيائها لدى الجيل الجديد عن طريق جلب الكثير من الصناع من أبناء الوطن الذين يمارسون هذه الحرف أمامهم وبأيديهم، وكذلك التركيز على نمط البناء السائد قديماً في جميع مناطق المملكة وأنواع المأكولات التي تشتهر بها كل مدينة وطرق التعليم سابقاً مما حقق معرفة بمكنونات كل جهة والتي تخفى على الكثير ممن لم يحالفهم الحظ بزيارة بعض أجزاء مملكتنا الغالية، وبالنسبة لي شخصياً لم أتعرف عن قرب على بعض مناطق المملكة إلا من خلال هذا المهرجان الذي نقل صورة حية غرست معنى الانتماء لهذا الوطن وما تحقق بفضل الله من وحدة وأمن واطمئنان وتطور.