هناء مكي

النمو الاحتوائي أو النمو الشامل أو الشمولي مسميات لمعنى واحد أجد تعريفه يقع في الطرف الآخر لمعنى الاقتصاد التقليدي إن أسعفني على شرحه، يسمى بالإنجليزية (Inclusive growth) ويراد به احتواء البلدان ماليا تجنب أي تدهور مالي في المجتمع، وهذا الأمر بحد ذاته هو هدف الاحتواء المالي الذي يعتمد على أنشطة الناس التجارية والاستهلاكية لديمومة الاقتصاد ونموه.

النمو الاحتوائي يعتمد على مبدأ المشاركة لكافة قطاعات المجتمع والاعتماد عليهم، لذا فهو يأتي موازيا مع تحسين المستوى الاجتماعي بالإضافة لتحقيق النمو ورفع نسبته اقتصاديا. فهو يعمل على المساواة بين الناس لدفع الناس أنفسهم للمشاركة في نمو الاقتصاد، معنى عميق ولكنه حقيقي لواقع البشرية وارتقائها والذي كان مطلبا دينيا قبل أن يكون اقتصاديا. فأول أولويات النمو الاحتوائي هو الحد أو القضاء على الفقر، وإتاحة الفرص المتكافئة وحماية الأسواق والعمالة فيها، بل إن تكافؤ الفرص يعتبر الأهم في هذه العملية، إذ إنه سيحتوي جميع المشاكل عبر التركيز على هذه الآلية بالذات من خلال توفير فرص عمل للمواطنين ومساعدة الفقراء على تحسين أوضاعهم الاجتماعية من خلال الاحتواء المالي.

تأتي فكرة الاحتواء الاقتصادي مكملة لفكرة الشمول المالي الذي يختص بالقطاع المالي ومؤسساته، وهو يشمل الاقتصاد بصورة كلية وينظر بعمق في تعزيز المستوى المالي للمجتمعات الفقيرة لتكون قادرة على القيام بأنشطة تحرك من خلالها السوق.

كلا المفهومين يركزان على أمر هام وهو مجتمع غير محتاج ومستوى معيشة حسن، وذلك بتقليل نسبة العاطلين والقضاء عليها إن أمكن وبالتالي محاصرة الفقر ومحاربته، الفكرة تقوم على الدفع بمنسوب السيولة المالية لدى المواطن ليكون قادرا على أن يكون شريكا في عملية النمو الاحتوائي أو الشمولي وتحريك السوق المحلية.

هذا المفهوم الذي يأتي من ضمن مراحل عملية التنمية الاقتصادية لم يحدد أوجها ولم يخصصها حتى ليتناسب مع اقتصاد بلد دون آخر، بيد أني أجده أنه أكثر ملاءمة لأسواقنا الصغيرة والأسواق النامية التي تستطيع الآن تأسيس منهجها وإستراتيجيتها.

أجل هذا المفهوم يناسب أسواقنا وبقوة، وهو يتماشى مع تعاليم ديننا الحنيف أصلا وأعرافنا الاجتماعية، فهو يحث على التركيز على الضمان الاجتماعي وتقوية شبكاته وتلبية احتياجات الفئات المحتاجة والفقيرة والاهتمام بها والعمل على توفير فرص وظيفية للعاطلين.

الإسلام شرع قنوات مالية لتقليل الفجوة بين طبقات المجتمع فكانت الزكاة والصدقة والوقف والإنفاق في سبيل الله، لذا نحن لدينا العديد من منابع التسييل والأنشطة المالية الدينية التي لو يتم تنظيمها بما يتناسب وعصرنا الحالي لكانت أسواقنا أكثر تطورا وتنمية، ولو أعيد تشكيل بيت مال المسلمين بفكر عصري لمكننا ذلك من تحريك السوق المحلية واختفى الفقر وتأسست العديد من المشاريع الصغيرة ولقل عدد العاطلين ولكثر المصنعون والمهنيون، ولسارت عجلة التنمية بقوة.