صحيفة اليوم

أكد تحقيق أجرته صحيفة «أحوال» التركية ازدهار تجارة تهريب البشر في البلاد خلال السنوات الماضية، موضحة أن شبكات التهريب غير القانونية لم تعد مقتصرة على الأتراك وحدهم. والتقت الصحيفة بأحد الوسطاء في ملهى ليلي بأسطنبول القديمة، مكتظ بمهاجرين من أفريقيا والشرق الأوسط، عرف نفسه باسم «كارا محمد».

ومضت تقول: «أكد محمد، الذي يبدو أنه حقق أرباحا جيدة، أن شبكات التهريب أصبحت متنوعة مع ازدهار سوقها».

وأضاف محمد قائلا: «هناك الكثير من الشبكات في هذا المجال. ليس الأتراك فقط هم الذين ينخرطون في عمليات التهريب، فهناك عراقيون وإيرانيون وأفغان».

وأوضح محمد أن الكثير من الجنسيات يأتون إلى تركيا كمهاجرين يحاولون الهروب إلى أوروبا، وينتهي بهم المطاف بالعمل في تجارة البشر، لافتا إلى أن شبكات التهريب تستخدمهم كمعاونين في توجيه المجموعات إلى الحدود، وتحمل خطر الاعتقال بدلًا من المشغلين الكبار.

» أساليب جديدة

ونوهت الصحيفة التركية بأن السياسة الأمنية المتغيرة في تركيا على مدى السنوات الأخيرة، التي شهدت اتفاقًا مع الاتحاد الأوروبي للحد من أعداد المهاجرين، قادت المهربين إلى ابتكار أساليب جديدة لتنفيذ عمليات التهريب.

وأوضحت أن المهربين يمكنهم توفير تأشيرة رسمية مقابل 10 آلاف يورو، لكن في حال تعذر ذلك يتم توجيه الزبائن لمجموعات تهريب أخرى.

وأوضح «محمد» أن هناك العديد من نقاط العبور في تركيا، لكن النقاط الأكثر ازدحامًا في حركة الدخول هي الحدود الإيرانية التركية، مشيرا إلى أن بإمكانه إرسال شخص إلى أوكرانيا بالطائرة مقابل 8000 يورو.

وأضاف: «يأخذ وسطاؤنا اللاجئين هناك ويتم نقلهم إلى غرب أوكرانيا على الحدود مع بولندا، وإذا تم رشوة الشرطة يمكنهم العبور عبر المعبر الرسمي. وإذا لم يحدث ذلك، يستغرق اللاجئون ساعة واحدة سيرًا على الأقدام عبر الحدود».

ولفتت الصحيفة إلى أن البوسنة تعد أيضًا نقطة عبور للمهاجرين، لكن محمد يقول إنها تستغرق وقتًا أطول من أي مكان آخر، حيث يتم نقل المهاجرين إلى البوسنة، ومن ثم عبور الحدود إلى كرواتيا قبل الوصول إلى إيطاليا.

وأوضح «محمد» أن رجال الشرطة أنفسهم ضالعون في إدارة عمليات التهريب، وبعضهم يبتز المهاجرين غير الشرعيين للحصول منهم على أموال أو مقتنيات ثمينة، والبعض الآخر يلعب دورا أكثر نشاطا في تلك التجارة.

» أرباح بالمليارات

وفي مقال بنفس الصحيفة، أكد «جويلوم بيرييه» أن تهريب البشر إلى أوروبا بات صناعة حققت لأربابها أكثر من 10 مليارات دولار أو أكثر منذ عام 2000، بحسب تقديرات منظمة الهجرة الدولية، لافتا إلى أن الأرقام الحقيقية قد تكون أعلى من هذا بكثير.

وأوضح «بيرييه» أن تقريرا مشتركا بين وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون (يوروبول) والمنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الإنتربول) حول شبكات تهريب المهاجرين، يوضح أن حجم تجارة تهريب المهاجرين السنوي يقدر بنحو 6.6 مليار دولار في عام 2015 وحده، ما يمثل واحداً من الأنشطة الرئيسة المربحة بالنسبة لعصابات الجريمة المنظمة في أوروبا.

وأشار إلى أن عدد مَنْ وجدوا طريقهم عبر الحدود بين تركيا واليونان بصورة غير شرعية تجاوز رقم المليون شخص منذ عام 2015.

ونوه بأن هذا العام شهد زيادة طفيفة في عدد حالات عبور الحدود بصورة غير شرعية بالمقارنة مع عام 2017.

ولفت إلى أن الاتفاق، الذي وقّعته تركيا والاتحاد الأوروبي في عام 2016 حد من تدفق المهاجرين، عندما جرى الاتفاق على أن تحصل أنقرة على 6 مليارات يورو في مقابل التعاون مع الدول الأعضاء في مواجهة الهجرة غير الشرعية.

ومضى يقول: «على الرغم من التعاون مع الاتحاد الأوروبي، فإن تدفق المهاجرين لم يتوقف».

وأردف: «ما زالت تركيا المسار الطبيعي للدخول إلى اليونان بحكم الموقع الجغرافي، حيث إنها تعتبر منطقة وصول طبيعي للاجئين من سوريا وأفغانستان والعراق».

» تورط الشبكات الإجرامية

وأشار إلى أن من يسهل سفر 90% من المهاجرين إلى الاتحاد الأوروبي هم في أغلب الأحوال أعضاء في شبكات إجرامية.

ولفت إلى أن أرباح المهربين العام الماضي حددتها وكالات مختلفة من خلال حصيلة ضرب عدد المهاجرين الذين وصلوا إلى المنطقة في تكلفة الفرد الواحد، التي قالوا إنها تتراوح بين 3200 دولار و6500 دولار.

ونوه بأن هذا الرقم قد يكون غير حقيقي وقد يكون هذا الرقم أقل من الحقيقي، مضيفا: «ذكر مهاجرون أفغان في أثينا أن كلاً منهم اضطر لدفع نحو 8 آلاف دولار للسفر إلى ألمانيا».

ومضى يقول: «ليس المهربون وحدهم هم مَنْ يجنون الكثير من المال عبر هذه التجارة، فهناك أيضاً مديرو الفنادق وسائقو سيارات الأجرة والمقاهي وأصحاب محال الهواتف وموردو سترات النجاة، الذين يجنون أرباحاً من هذا العمل».

وأردف يقول: «لقد صارت سوق تهريب البشر سوقاً مربحةً جداً للشبكات الإجرامية المتخصصة. كما جهزت جماعات عابرة للحدود شديدة التنظيم نقاط عبور، من بينها نقاط على طول سواحل بحر إيجة في تركيا، وفي بعض الأحيان، تكون تلك النقاط على بعد كيلو مترات قليلة من الجزر اليونانية، وأيضاً في تراقيا الغربية على طول نهر إيفروس. ويتباين سعر العبور وفقاً لقانون العرض والطلب والموسم والظروف، ويتراوح بين 300 وألفي دولار في المتوسط».

ولفت إلى أن زعيما سابقا لشبكة كبيرة لتهريب السوريين في «مرسين» أجرى معه مقابلة من قبل، وكان يتولى مسؤولية عشرات المراكب، التي تتنقل ذهاباً وإياباً بين منطقة إزمير والجزر اليونانية، قال إن حجم دخله اليومي كان يصل إلى 500 ألف دولار في ذروة الأزمة.