أ. د. فائز الشهري

تدعم الدولة مشاريع التنمية بميزانيات تاريخية، تعكس الدعم المتواصل لتحقيق أهداف التنمية. ومن تلك المشاريع مشروع برنامج مستقبل المدن السعودية، الذي تنفذه وزارة الشؤون البلدية والقروية بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية. وقد صدر عن البرنامج تقارير مهمة منها تقرير الازدهار الحضري لمدينة الدمام، الذي تطرقنا له في المقال السابق، وأشار إلى أن درجة ازدهار المدينة تعتبر ضعيفة إلى حد ما وفقا لمقياس الازدهار الحضري العالمي، حيث بلغ إجمالي نسبة مؤشر الازدهار في المدينة 54.2%، وفقا للمقياس العالمي. وقد أرجع التقرير ذلك لضعف مؤشرين مهمين: مؤشر الحوكمة الحضرية والتشريع، ومؤشر الاستدامة البيئية، وهما اللذان يعدان من المؤشرات المهمة في مراحل التنمية المتوازنة والمستدامة.

وفي ضوء أهمية هذه المؤشرات، تبرز ضرورة مراجعة التخطيط الحضري في إطاره الإقليمي والوطني؛ نظرا للعلاقة التكاملية فيما بينها، إذ لا يمكن الحكم بضعف هذا المؤشر على مستوى المدينة دون دراسة الأثر والترابط مع المؤشر على مستوى حاضرة الدمام وعلى المستوى الإقليمي والوطني. وكذلك فيما يتعلق بالإستراتيجيات والمخططات العمرانية وما تحوي من مشاريع عمرانية كبرى قائمة ومشاريع مستقبلية كمشروع مدينة الملك سلمان للطاقة «سبارك SPARK»، في المنطقة الشرقية، التي أساسها تخطيط على المستويات الوطنية والإقليمية والمحلية.

وأخيرا وليس بآخر، فإنه من الضروري مراجعة وتقييم مخرجات برنامج مستقبل المدن، خاصة تقارير ازدهار المدن، وفرق التخطيط التي قامت بإعداد تلك التقارير. على أن تتم هذه المراجعة من خلال هيئات تطوير المناطق والمدن والمتخصصين في التخطيط الحضري والإقليمي، بحيث تراعي الاعتبارات التخطيطية بأبعادها الأمنية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية، كميا ومكانيا، وأن تعكس مدى الترابط بين ما هو قائم من مخططات تنموية، وما قد سبق إقامته من مخططات عمرانية، وما هو قادم من مشاريع التنمية المستقبلية، لتعطي صورة واقعية متكاملة عن واقع التنمية وطموحاتها المستقبلية؛ لكي تساهم بشكل واقعي في تحقيق رؤية المملكة 2030.