محمد العصيمي

في كل الدول العربية التي حل سمو ولي العهد بها في جولته الأخيرة تم تجاوز البروتوكول واستقباله وتوديعه في المطار من رؤساء هذه الدول، باعتباره ضيفا كبيرا واستثنائيا تُعول المنطقة برمتها على رؤيته وطموحاته كما تعول عليها بلاده. ولذلك بُهت إعلام الصغار ولم يسعه إلا أن يتخبط في تفسير هذه الحفاوة الكبرى بعد أن ظن أن مطارقه الإعلامية قد أدت غرضها. هناك، فيما يبدو، مشكلة إدراك للأوزان والأحجام السياسية والاقتصادية عند البعض، ما يجعلهم على الدوام لا يخرجون من مأزق إلا ويدخلون إلى غيره، كونهم فقدوا القدرة على التمييز وفقدوا القدرة على إجراء الحسابات الدقيقية لتصرفاتهم ونتائجها.

من بعد قضية خاشقجي قرع هؤلاء الطبول في كل مكان من واشنطن إلى الدوحة مرورا بكل العواصيم الأوروبية ومنصات الإخوان وبقايا اليسار العربي، الذين توقف نموهم العقلي عند المرحلة الناصرية. ومع ذلك بقيت المملكة صامدة في موقفها وواضحة في كل بياناتها وإجراءاتها تجاه هذه القضية. وفي كل مرة كانت ترسل هؤلاء، بكل قضهم وقضيضهم الإعلامي، إلى القانون وما يجريه من تحقيقات وإلى المحاكم وما ستصدره من أحكام بحق من ارتكب هذه الجريمة البشعة.

هم طبعا، وهذا ثابت بحكم مسلسل التصريحات والتسريبات التركية والقطرية، لا تعنيهم الجريمة ولا من ارتكبت بحقه بقدر ما راهنوا على الحصول على مكاسب وتحقيق تنازلات من المملكة أو حلفها العربي المتضامن تجاه عدد من القضايا. وهذا الرهان سقط فيما صدر من تصريحات عقب زيارة سمو ولي العهد إلى مصر، وإعلان تمسك الدولتين بالشروط الثلاثة عشر لإنهاء مقاطعة قطر، وألا تنازل تجاه هذه الشروط، ولا قبول لاستغلال الأزمة ومحاولة تقويض التحالف العربي الرباعي تجاهها.

في الأرجنتين سيقابل سمو الأمير محمد بن سلمان في قمة مجموعة العشرين عددا من زعماء الدول الكبرى، وسيكون أيضا ضيفا كبيرا ومهما لأنه يمثل المملكة العربية السعودية المعروفة بثقلها الديني والسياسي والاقتصادي، ولأنها الدولة، التي قال عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذا عاقبتها فسوف أدمر اقتصاد العالم.