د.فيصل العزام

هذا المقال يناقش موضوع السلبيات ومخاطر مواقع التواصل بأبعاد مختلفة، عن كل ما كتب في هذا الموضوع أو تناولته القنوات الفضائية لا أختلف مع الآخرين عن الثمرات الإيجابية للنهضة العلمية والتكنولوجيا المعاصرة لهذه المواقع والتطبيقات، ما لفت نظري قراءنا الكرام ذاك السفه الذى يحدث من البعض منا، وما أثارني بعض مقاطع الفيديو التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي سناب أو واتساب وغيرها ما يسمى بمشاهير السوشيال ميديا شخص أهداه صديقه لوحة سيارة ومن الأرقام المميزة وبدء الحراج على هذه اللوحة إلى أن وصل مبلغ اللوحة 3 ملايين ريال. كذلك مقطع الفتاة التي انكسر مفتاح سيارتها وهى راجعة إلى بيتها فجرا وأرسلت صورة المفتاح على سناب ووصلت قيمة المفتاح إلى مبلغ خيالي 140 ألف ريال.

ويحضرني هنا قصة النبي -صلى الله عليه وسلم- عندما خرج من بيته فأتاه أبو بكر -رضى الله عنه- وبعدها أتاه عمر بن الخطاب -رضى الله عنه- فقال الرسول: ما أخرجكما في هذا الحر الشديد فقالا الجوع يا رسول الله فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأنا أخرجني الجوع. فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- ننطلق إلى منزل أبى الهيثم الأنصاري، وكان رجلا كثير النخل والشاة. انطلق أبو الهيثم إلى حديقته فبسط لهم بساطا ثم أحضر لهم التمر والماء فأكلوا وشربوا من ذاك الماء. فقال الرسول -صلى الله عليه وسلم- هذا والذى نفسى بيده من النعيم الذى تسألون عنه يوم القيامة ظل بارد ورطب وماء بارد. فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم الطعام فذبح لهم شاة عجوزا. لنقف وقفات عند هذه القصة. يخرج أشرف من وطئت قدماه الثرى وما أخرجه إلا الجوع وكذلك أبو بكر وعمر بن الخطاب -رضي الله عنهما- ما أخرجهما إلا الجوع.

أفضل ثلاثة بشر على وجه الأرض خرجوا من بيتهم في شدة الحر بسبب الجوع.

قصة عظيمة ووقفات أعظم مع أفضل خلق الله لأصحاب العقول تستوقفنا.

وعكس ذلك قصة الشابة السعودية أميرة الحارثي مبتعثة وتدرس في جامعة ليدز البريطانية التى ضربت أروع مثال في الإحسان والنبل ومساعدة الآخرين والإحساس بالمسؤولية تجاه الإنسانية، لم يمنعها شيء عندما استوقفتها صورة على توتير لمعلم في دولة غانا يشرح مادة الحاسب الآلي والتطبيقات عن طريق الرسم لتلاميذه على السبورة البدائية، لعدم توفر جهاز بالمدرسة وتقول أميرة أحسست وانتابتني مشاعر الحزن لأول وهلة وأيقنت تحويل هذه المشاعر إلى عمل تخيلات أنه إذا توفرت الإمكانيات لهؤلاء الأطفال لربما خرج منهم العلماء والعباقرة، قررت إرسال جهاز كمبيوتر محمول واجتهدت لمعرفة عنوان المدرسة وأرسلت الجهاز وتابعت الطرد البريدي وكل ما يشغل بالها وصول الكمبيوتر إلى المدرسة، وحدث ما لا تتوقعه أميرة عندما دخلت حسابها على توتير والنشاط والتفاعل غير الطبيعي على صفحتها والكلمات المعبرة من المدرس والطلاب والصور المعبرة وهم يحملون الجهاز، فبكت أميرة فرحا وشكرت الله وقامت أميرة بأخذ الصورة ووضعتها أمامها معتبرة أن ابتسامة الأطفال سوف تمنحها القوة والأمل في هذه الحياة.

وما نراه على مواقع التواصل الاجتماعي من الهياط والبذخ والإسراف في أمور لا يستفاد منها مطلقا، وهناك أناس أولى وفى حاجة إلى هذه المبالغ، أين أصحاب العقول؟ وأين أخلاقنا الاسلامية؟

وقال الله تعالى (ثم لتسألن يومئذ عن النعيم).