عبداللطيف الملحم

قد لا يعرف الكثيرون أن شركة أرامكو السعودية ومنذ تأسيسها وتسميتها بهذا الاسم، كانت ولا تزال هي المنصة الإعلامية التي استطاعت من خلال مكاتب صغيرة لا تتعدى مترين في مترين ومطبوعات قليلة ولكنها واسعة الانتشار استطاعت التأثير على المتلقي الغربي، وعكست أجمل الصور عن المملكة. بل تعدى الأمر أن شركة أرامكو السعودية قد قامت بأحد أصعب المهام الإعلامية والعلاقات العامة التي أنيطت بها بعد قيام المملكة باستخدام سلاح النفط في حرب أكتوبر عام 1973م لشرح وجهة نظر المملكة في وقت اتضح فيه التهديد المباشر لمنابع النفط في وقت كان العالم في أوج حرب باردة وذروة حرب فيتنام وغيرها. ومع ذلك استطاع من أوفدتهم شركة أرامكو السعودية إلى الولايات المتحدة الأمريكية لإيضاح الكثير من الحقائق الغائبة عن الشارع الأمريكي حيال وجهة النظر السعودية وأمور لها علاقة بالنزاع العربي-الإسرائيلي. وبالطبع لا ننسى ما قام به موظفو أرامكو القدامى من جميع الجنسيات وخاصة الأمريكية من تحركهم بصورة تلقائية للتصدي للحملة التي استهدفت المملكة بعد أحداث سبتمبر من العام 2001م.

ورغم أن ما قامت به أرامكو بصفة رسمية أو من خلال تطوع موظفيها للحديث مع الإعلام الأمريكي الصعب المراس ونجاحهم المطلق، إلا أن جزءا كبيرا من مؤسساتنا الإعلامية لم تتعلم من نفس الدرس والأسلوب الذي اتبعته شركة أرامكو السعودية منذ زمن طويل. فأرامكو السعودية لم تكن منذ تأسيسها أكبر شركة بحث وتنقيب وتصدير للبترول في العالم فقط، بل أصبحت إحدى أكبر الوسائل الإعلامية والعلاقات العامة المؤثرة في العالم. وما زال الكثير من المبتعثين السعوديين في فترة السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي يتذكرون أن مطبوعات أرامكو السعودية ومنشوراتها عما يجري داخل الشركة من مشاريع عملاقة أو مشاريع تابعة بصورة غير مباشرة لأرامكو السعودية مثل توحيد شركات الكهرباء في المملكة (سكيكو) وغيرها من المشاريع، فقد أوضح للعالم الخارجي سرعة التطور ودقة التنفيذ للبنية التحتية في المملكة. وهذا بدوره يلقي الظلال على أهمية الإعلام الموجه للخارج بصورة بسيطة وواقعية وبأسلوب يتقبله المستمع في الخارج، ويسلط الضوء على عمق العلاقة بين دولة مثل المملكة والعالم الخارجي. وأما المحاضرات والندوات التي لا تخاطب إلا الداخل، فهذه أمور سنتحدث عنها لاحقا.