عبدالرحمن المرشد

منذ تأسيس المملكة العربية السعودية على يد - المغفور له بإذن الله - الملك عبدالعزيز، تعرضت الدولة للعديد من الأزمات والمشكلات؛ بهدف تحجيم الدور القيادي للمملكة أو التقليل من حضورها الدولي أو محاولة عمل قلاقل داخلية وغيرها، ولكن جميع تلك الأزمات مرت مرور الكرام، ولم تؤثر في ثبات السعودية أو توهن من انطلاقها نحو الريادة والتميز، بل منحتها مناعة مستقبلية لما يحاك ضدها من مؤامرات ودسائس.

ولا يختلف اثنان على أن وجود مثل تلك الأزمات التي تتعرض لها بعض الدول كل فترة يشير صراحة إلى حضور مهم لذلك الكيان وتأثيره القوي في الساحة الدولية، ولذلك تتوالى الضغوط لتحييده أو إبعاده عن مراكز التأثير أو التقليل من حضوره السياسي والاقتصادي ومكانته، ولذلك نسمع كل فترة من الزمن عن افتعال قضية أو محاولة تأليب الرأي العالمي عليه نحو قضية معينة، وفي المقابل هناك دول كالضفادع لا يسمع إلا نقيقها لا تأثير لهم على المستوى المحلي أو القاري أو الدولي ولا يرجى منهم خير بل نرى الغدر والخيانة بالقريب قبل البعيد ولديهم من عقد النقص الكثير لإحساسهم أن الجميع لا يراهم - حتى بالمكبر - شيئا ذا قيمة، ولذلك لجأوا إلى أبواق المرتزقة والدجالين من خلال قنواتهم لعلهم يحققون مكانة أو يصلون إلى غاية، ومثل هؤلاء عندما يناطحون الكبار بالتأكيد ينطبق عليهم قول الشاعر:

كناطح صخرة يوما ليوهنها *** فلم يضرها وأوهى قرنه الوعل

وهذا البيت يوحي بالجهل والغباء لمن يقحم نفسه في أمور لا يقدر عليها وعلى الباغي تدور الدوائر.

توجد صفة مشتركة في جميع الأزمات التي مرت بها السعودية، وهي صفة يندر أن تجدها في الكثير من الكيانات، ولا أبالغ إذا قلت إنها تستحق الدراسة المعمقة، فالعلاقة بين الشعب والقيادة تصل إلى درجة الالتحام التام والتجانس عندما يتأثر طرف يتأثر الآخر عندما يتألم جزء يتألم الآخر، وكم شاهدنا تحرك الدولة نحو تحقيق الراحة والاطمئنان لمواطنيها جراء ارتفاع تكاليف المعيشة لينعم الجميع بالاستقرار والراحة النفسية أو تهدئة بعض القطاعات التي أضرت ارتفاعاتها بالمواطنين كالقطاع العقاري، خلاف دعم الابتعاث الخارجي الذي وصل ذروته لتحتل المملكة الدولة الأولى عالميا مقارنة بعدد السكان، وجهود تقليص البطالة، والكثير من الإصلاحات التي أشاد بها القاصي والداني، ولا يتسع المجال لذكرها، وفي الجانب الآخر نجد أن هذا الشعب الوفي يبادل قيادته مشاعر الحب والإخلاص والوفاء، في كل الوطن من شرقه وغربه ووسطه وجنوبه وشماله، فالجميع على قلب رجل واحد وتحت راية واحدة، يأتمرون بالسمع والطاعة لملك هذه البلاد، الذين أشربوا - منذ نعومة أظفارهم - حبه والولاء له، ويقفون سدا منيعا ضد أي تهديدات تطال بلدهم قبلة الحرمين. وللحق، فإنني شاهدت حراكا غير منظم يؤكد أن المحبة تنطلق عفويا من قلوب المواطنين، بمعنى غير مرتب له في المدارس أو الجامعات والأسواق، حيث تسمع الأهازيج والأغاني الوطنية أثناء وقوفك عند إشارات المرور من السيارات التي تقف بمحاذاتك، ونغمات الجوال تؤكد هذا التفاعل، والتجمعات الشبابية في الاستراحات والمقاهي تقول نحن جميعا صف واحد مع قيادتنا.. هذا الحب والتفاعل الوطني مع الأحداث التي تمر بها المملكة لطمة قوية على وجوه الحاقدين، فهنيئا لك يا وطني بهذا الشعب العظيم.