محمد العصيمي

بغض النظر عما ستؤول إليه قضية جمال خاشقجي، فإن الدرس الأول منها، بعد هذه الهجمة الإعلامية الشرسة على المملكة، هو درس إعلامي بالدرجة الأولى. هناك من يقول إننا لم نقصر إعلاميا على المستوى الرسمي. وهناك من أثبت بالأرقام والأدلة أن أعداءنا يملكون من خزائن الاحتراف والالتفاف على الحقائق ورسائل الإساءات المغلفة والمزركشة أكثر مما نملك، كما ونوعا. وسواء أكنت مع هذا الرأي أم ذاك فالمهم هو أننا لا بد أن نجلس إلى طاولة عريضة ونناقش ماذا حدث وماذا تعلمنا وكيف سنتصرف؟ الإعلام ثم الإعلام هو سلاح هذه المرحلة لدى كل الدول وكل التحالفات، ومن يقلل من شأنه، أو يجعله ثانويا في حروب اليوم، هو بالتأكيد على خطأ كبير ولا يدرك المتغيرات الإقليمية والدولية من حوله.

نحن بصراحة نجحنا في مواجهة هذه الحملة المسعورة، وهذه الهستيريا الإعلامية، على وسائل التواصل الاجتماعي وكان المواطن باختلاف مستوياته الثقافية والاجتماعية، رقما إعلاميا مهما في الدفاع عن المملكة وعن قيادتها وعن أمنها وسلامتها. وقد ذهب هذا المواطن أبعد مما كنا نتصور حيث كتب تغريدات وابتكر صورا وشعارات لفظية وبوسترات، وأنتج فيديوهات محترفة باعتباره جنديا إعلاميا في ميدان مكتظ بالكذب والتزوير والتهويش والتهديد ضد بلاده.

الأمر المؤكد الآن أن هناك آلاف المجندين حول العالم الذين لا شغل لهم سوى التصيد والتربص ضمن محاولات حثيثة للإساءة إلى المملكة. هؤلاء المجندون تصرف عليهم قطر وتديرهم مؤسسات لكل منها أجندته الخاصة. والأمر - بالمناسبة - لن ينتهي عند قضية خاشقجي، بل إنهم سيخلقون كل يوم قضية أو مشكلة لمواصلة النيل منا ومن بلدنا. والسؤال مرة أخرى: ماذا نحن فاعلون وما هي إستراتيجيتنا الإعلامية المقبلة.؟