محمد الخباز - الدمام

أطلقها علي العثمان عقب تتويجه ببرونزية رفع الأثقال في دورة الألعاب الأولمبية للشباب

«ألم»، هو عنوان صرخة أطلقها ابن الوطن هنالك في الهواء العليل للعاصمة الأرجنتينية «بوينس آيرس»، لتمتزج بدموع الفرح معلنة عن تحقيق انجاز وطني جديد وفريد من نوعه، تزين باللون البرونزي، ذلك الذي تقلده الرباع السعودي الشاب علي العثمان عقب نجاحه في انتزاع المرتبة الثالثة بمنافسات رفع الأثقال لوزن (85) كجم في دورة الألعاب الأولمبية الثالثة للشباب «بوينس آيرس 2018» بالأرجنتين.

وتساءل البعض عن السر خلف كل ذلك الألم، لتكشف روح البطل عن حجم المعاناة، التي كان ابن الأحساء يتكبدها منذ التحاقه باللعبة وهو بعمر الـ (9) أعوام، حيث كانت الاحباطات تحيط به من كل جانب، فلا دعم يذكر، ولا ادوات تدريبية تؤهله للمضي قدما في طريق الانجازات.

ويبدو أن الخوف من المستقبل كان يشغل بال ابن الأحساء، مما جعله في حيرة من أمره، فجيناته الرياضية تخبره بالرغبة في اكمال مسيرة والده، وعمه الذي نجح في تحقيق العديد من الانجازات الخارجية، دون أن تسلط عليه الأضواء، والواقع يحثه على الاتجاه نحو معشوقة الشعب والإعلام، كرة القدم.

لحظات حاسمة كادت أن تنهي مشواره مبكرا، لكن تدخل المدرب الوطني طاهر الشيبة حسم الموقف، عقب اقناعه بأنه يمتلك كل مقومات الأبطال في لعبة رفع الأثقال، ليلتحق بشكل رسمي بفريق رفع الأثقال بنادي الطرف بالأحساء.

ويتحدث الشيبة عن تلك اللحظات، قائلا: «كنت ارى فيه بطلا عالميا، لكن طموحاته العالية كانت تخبره بأن عليه الاتجاه نحو كرة القدم، لكني تحدثت مع والده، الذي ساعدني كثيرا، وأخبرني بأن اعتبره كابني».

دخل الاثنان في تحدٍ خاص، وتجاوزا معا العديد من الصعوبات، والأوقات الحرجة، ليظهر للجميع بطل قادر على تحقيق الكثير من الطموحات، وهو سطره على أرض الواقع، من خلال تحقيق العديد من الانجازات على المستوى المحلي، ليرتفع سقف الطموحات بعد ذلك إلى المدى الخارجي، وهو ما نجح في ترجمته ابتداء من العام (2016)م، حينما نجح في تحقيق ثلاث ميداليات ذهبية خلال مشاركته في بطولة الخليج، ليحرز ميداليتين ذهبيتين في العام الذي يليه، خلال مشاركته في بطولة غرب آسيا على مستوى الناشئين والشباب.

ومع تحقق هذه الانجازات، أصبح العثمان أحد الأسماء، التي تعول عليها رياضة رفع الأثقال السعودية كثيرا في حصد الألقاب، ليترجم ذلك عبر تحقيق ثلاث ميداليات ذهبية خلال مشاركته في بطولة غرب آسيا للناشئين في مارس الماضي، قبل أن ينجح في احراز فضية المجموع العام وفضية النتر، اضافة لبرونزية الخطف في بطولة آسيا للناشئين والشباب، في شهر ابريل الماضي.

نقاط تحول كثيرة مرت بها مسيرة ذلك البطل القادم من الأحساء، لكن تعاقد الاتحاد السعودي لرفع الأثقال مع المدير الفني المصري العالمي خالد قرني، كانت واحدة من أهم نقاط التحول للعثمان منذ التحاقه باللعبة، فالمدير الفني الجديد للمنتخب السعودي هو واحد من أهم المدربين على مستوى اللعبة، وقد تخرج على يديه نخبة الرباعين المصريين، كما أنه يمتلك تجربة وخبرات متعددة في البطولات الكبيرة.

وسريعا ما كان التطور شاهدا على المستوى الفني لعلي العثمان، الذي بات اسما معروفا على مستوى العالم، وكان قريبا جدا من احراز ميدالية عالمية أثناء مشاركته ببطولة العالم بأوزبكستان مؤخرا، لكنه خسرها في الرفعة الأخيرة.

اليأس لم يكن حاضرا في قاموس ذلك الشاب الأحسائي، فواصل تدريباته وقاتل من أجل فرصة جديدة، ليحصد ثمار ذلك ميدالية أولمبية هي الأولى من نوعها على مستوى لعبة رفع الأثقال، وهو ما أعاد الأمل للرياضة السعودية وقدرة أبطالها في الألعاب المختلفة على حصد المزيد من الانجازات العالمية والأولمبية، متى ما توافرت لهم البيئة المحفزة، والدعم اللازم للتحليق في «سماء الانجازات».

وكمكافأة له على صبره، جاءه التقدير من رجل الرياضة الأول معالي المستشار تركي آل الشيخ، الذي بارك عبر حسابه الرسمي في «تويتر» لبطل الوطن الشاب علي العثمان، موجها بصرف مكافأة ماليه قدرها (200) ألف ريال، تقديرا له على هذا الانجاز.