كلمة اليوم

لا نعرف بلدًا تعرض لمثل هذا الكم الهائل من الافتراءات والتلفيقات قدر ما تعرضتْ له المملكة، ليس في حادثة اختفاء الصحافي جمال خاشقجي بعد خروجه من القنصلية السعودية في اسطنبول وحسب، وإنما في كل مفاصل حراكها، سواء على الصعيد المحلي أو الإقليمي أو الدولي، والأمر بالنسبة لنا كسعوديين لا يُثير أي دهشة، فقد تعودنا منذ زمن بعيد على جوقات المتربصين الذين ينفقون جلّ أوقاتهم لتركيب الأضاليل، وترويج الإشاعات في محاولة للنيل من المملكة ومكانتها ودورها الريادي في المنطقة والعالم. نفهم أن هنالك من يغيظه موقع المملكة القيادي على رأس هرم الأمة العربية والإسلامية، ونفهم أن هنالك من تغيظه مواكب التنمية التي تشهدها البلاد وبما يؤثث تلك النفوس المريضة بالحقد والضغينة، ونفهم أيضا أن هنالك من يرى كيف يسيح الأمن كالشمع في ألسنة اللهب من حولنا فيما تزداد المملكة قوة وأمنا وتماسكا بين قيادتها وشعبها، ونفهم أن هنالك من وقف في طابور الخريف العربي، وتمنى أن يراه فيها، فإذا بها تحوّله إلى ربيع حقيقي من المنجزات المتتالية عبر رؤية تختصر الزمن في ما لا يتجاوز العقد الواحد، لكن ما لا نفهمه أن ينجرّ هؤلاء المأفونون إلى الإرجاف بلا دليل في أبشع ألوان المكارثية الحمقاء لمحاولة إدانة المملكة عوضا عن أن ينشغلوا في إصلاح أنفسهم.

في القضية الأخيرة، يبدو أن الإفلاس قد بلغ مداه، ففي الوقت الذي لا تزال فيه التحقيقات في مراحلها الأولية، اصطف إعلام الدويلة، والمرجفون ممن يقتاتون على مائدتها ليس لتلفيق التهم والافتراءات وحسب، وإنما لصناعة سيناريوهات خاصة أرادوا منها إدانة المملكة بأي ثمن، حتى أن الحماقة قد بلغت بهم توصيف جريمة ركبوها في عقولهم المريضة إلى أن جلبوا الشكوك لأنفسهم، وهذه معضلة أولئك الذين تقودهم أهواؤهم، وتحركهم شهوات نفوسهم رغم ادعاءات المهنية التي تحطمت كلوح زجاج أمام كل المتابعين المخدوعين بحرفية بعض الإعلام الذي اضطرته حماقاته إلى تقديم الاعتذار تلو الاعتذار عن مصادره المتهافتة بعد أن جرّه الحقد على هذه البلاد إلى مرحلة ما عادت تفسح أي مجال ولو إلى قليل من العقل، لحفظ ماء الوجه من هذا السقوط المريع، الذي فضح جزيرة قطر، ومن انساق خلفها في الاعتماد على بعض التغريدات المجهولة كمصدر رسمي ليقع في شر أعماله، وليدفن بيديه ضميره المهني.