فاطمة عبدالرحمن - الأحساء

رغم التحديات الكثيرة التي واجهت إنشاء أول جمعية للثقافة والفنون بالأحساء قبل أكثر من 40 عاما، إلا أن ذلك لم يزدها إلا اصرارا وعزيمة في تحقيق منجزات يحملها التاريخ ويحفظها في تقويم الزمن، واستطاعت أن تخطو خطوات سريعة وواسعة الانتشار في كافة أرجاء المملكة، من خلال تكوين لجان متخصصة تهتم بالفنون، «اليوم» التقت بالرعيل الأول للجمعية لتقف على تلك التحديات التي واجهت الجمعية وكيف وصلت إلى ما هي عليه الآن.

جمعية للفنون

أكد مؤسس قسم الموسيقى في جمعية الثقافة والفنون وأول رئيس لنادي الفنون الشعبية عام 1391، عبدالرحمن الحمد أن الأحساء كعادتها زاخرة بالمبدعين والمحبين للفن، وكانوا يعملون باجتهادات شخصية محبة، جيل شغوف بالفن والموسيقى والمسرح إلا أن الفرصة لم تكن سانحة للخروج بشكل واضح، وبعد ثلاث سنوات من العمل في مجال الفنون قرأنا عبر الصحف خبر انشاء جمعية للفنون في الرياض فكتبنا إلى الرئيس العام لرعاية الشباب في المملكة الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله- عن رغبتنا بإنشاء جمعية للفنون أسوة بمدينة الرياض التي كان يرأسها آنذاك الأمير الشاعر بدر بن عبدالمحسن، وبعد الاطلاع على الكتاب رحب الأمير فيصل بالفكرة، ووجه بدمج جمعية الفنون بالأحساء للعمل مع الرياض، وكانت بداية فاتحة خير استبشر بها المحبون والمهتمون بالفنون، ولاحت بشائر هذا القرار حينما طلبنا عمل جمعية للموسيقى والمسرح والفنون، واستحسن الفكرة القائمون على الجمعية واقروا البرنامج، وكان من ضمن أعضاء الجمعية في الرياض الممثل عبدالعزيز الحماد وسراج عمر وناصر بن جريد ومحمد الشعلان.

وأوضح أن الفنان طارق عبدالحكيم كان نائبا لرئيس الجمعية العربية السعودية للفنون في أول مجلس لإدارتها عند تأسيسها قبل نحو 40 عاما، وبعد ست سنوات على تأسيس الجمعية تم تعديل اسمها إلى الجمعية العربية للثقافة والفنون.

حفل غنائي

وكشف الحمد أن أول حفل غنائي أقيم في الجمعية كان في عام 1393، بحضور الأمير بدر بن عبدالمحسن، وغنى فيه كل من الفنان عبدالرحمن المصنوع وسعد الجوف وصالح الخميس وصالح الصفيه وفهد العوسي، وكانت الأغاني من ألحان وكلمات وأداء أحسائيين، وحضر الحفل جمهور غفير، وقال طارق عبدالحكيم عبارته العالقة في الأذهان (تفوق الفرع على الأصل) لما شاهد من تفوق وحماس وانجازات.

وبعد نهاية الحفل أعجب الأمير بدر بالحفل وتنظيمه والمشاركين فيه، وقدم دعما عبارة عن 2000 ريال كانت في ذلك الوقت تعادل أكثر من 20 ألف ريال، استأجرنا بها أرضا وتم بناؤها بالتعاون مع أعضاء الجمعية.

مقر خاص

وأضاف الحمد أنه بعد هذا المشوار الطويل للجمعية مع الفن ما زالت حتى الان لا تمتلك مقرا خاصا، وما زالت رحالة على الأماكن المستأجرة التي استنفدت طاقتها وميزانيتها ووقتها، حيث انتقلت خلال تلك الفترة إلى 10 مقرات مستأجرة، وما زالت الآمال معقودة أن يستقر بها الحال وتجد المقر المناسب الذي يحقق طموحاتها ويأخذها الى مرافئ الأمان والراحة، لافتا إلى أن الجمعية استطاعت اثبات نفسها والخروج من عنق الزجاجة والظهور على الساحة الفنية بطابع مميز معلنة ميلادها وانطلاقتها الحقيقية وانتشارها في الساحة الفنية العربية متخطية الحواجز والمنعطفات لتستقر في القلوب التواقة، مشيرا إلى أن الجمعية نجحت في قسم الموسيقى في عملية التزاوج الفني العربي وإظهاره إلى حيز الوجود بإبداعات موسيقية في الألحان والكلمات والأصوات.

16 عازفا

وأوضح الملحن د. إبراهيم الدخيل أنه في عام 1404 كانت هناك فرقة موسيقية يشار لها بالبنان في المملكة، وكان جميع العازفين من محافظة الأحساء بقيادة الفنان مبارك السعيد وعبدالله البريكان وسعد الخميس رحمهم الله، وكان عدد الفرقة أكثر من 16 عازفا، كانت تمتلك حراكا موسيقيا أكثر من رائع وتقيم الحفلات الرسمية بمشاركة الكثير من فناني المملكة من بينهم الفنان رابح صقر وسلامة العبدالله وعبدالله رشاد ومطلق دخيل ومحروس الهاجري وصالح الخميس وحسين بوشليبي وحسين قريش والفنان أيوب خضر، مشيرا إلى أن الفرقة كانت تعزف الأغاني سماعيا وليس بالنوتة الموسيقية ولكن الإصرار والعزيمة والهواية والرغبة لدى الكثير من العازفين في الحضور، وعمل البروفات لساعات طويلة أسهم في صقل تجاربهم، بالإضافة إلى الدعم المالي التحفيزي الذي كان يقدم للفرق المشاركة.

تشكيل لجان

في عام 1438 مع رؤية المملكة 2030 عادت لجنة الموسيقى بشكل علمي وحضاري، حيث قامت الجمعية ممثلة برئيس الجمعية علي الغوينم بتشكيل لجان خاصة، وتقديم دورات موسيقية متخصصة ومدروسة من قبل خبراء لتعليم النوتة وأصول الصولفيج والصوت والعزف على آلة العود والأورج وغيرها من الانشطة التي ساهمت في رسم صورة جديدة للموسيقى بأيد شبابية احسائية.

وأوضح الغوينم أن الظروف التي عاشتها الجمعية وتعيشها لن تحد من طموح شبابها ولن تقف عقبة لتعثرها بل ستتجاوز كل الصعوبات لتصل إلى ما تتمنى وأكثر، وأضاف أن الجمعية حرصت على إعادة فتح قسم الموسيقى ووفرت مكتبة وقاعة مجهزة للتدريبات الموسيقية وشكلت لجنة من الفنانين الشباب الموسيقيين تضم كلا من محمد الحمد وعمر الخميس وإبراهيم الورثان وعبدالله بوسيف، كما استقطبت المدربين المتخصصين من خارج السعودية لتقديم دورات تدريبية للمتقدمين.