عبدالرحمن المرشد

ينقسم التعليم الثانوي لدينا إلى قسمين أدبي وعلمي على اعتبار أن توجهات الطلاب والطالبات لا تتغير عن هذين الاختيارين، وهي في ظاهرها سليمة إذا كان الهدف الرئيس هو اكمال الطلاب تعليمهم في المرحلة الجامعية واختيار التخصصات التي تتطابق مع هذين التوجهين. لكن توجد شريحة كبيرة من الطلبة لا ترغب في إكمال دراستهم الجامعية والاكتفاء بالمرحلة الثانوية ومن ثم الانطلاق للحياة العملية. ونحن بهذه التخصصات فقط نرميهم إلى الميدان بدون سلاح عملي يستطيعون به مواجهة التحديات والعمالة التي تفرض نفسها على قطاع الاعمال المهنية والحرفية، فالمرحلة العمرية لخريج الثانوية العامة لا تتجاوز الـ18 عاماً ويعتبر في بداية نضوج الشباب وقوته، ومن المستحسن استثمار هذه المرحلة العمرية في تعليم وتدريب تخصصات يحتاجها السوق المحلي ليصبح لدينا شباب وشابات سعوديون مؤهلون في جميع الفنون والحرف، كما أننا عندما نقصر الدراسة الثانوية على تخصصي «علمي وأدبي» فإننا نهدر الكثير من الأموال على تعليم من لا يرغب في اكمال الدراسة. ولو تم تعليمه تخصصات مثل الكهرباء أو النجارة وصيانة الجوالات وغيرها لحققنا العديد من الأهداف، منها تقليص البطالة، فالمتدرب سيجد وظيفة بعد التخرج نظراً لأنه يملك صنعة في يده أو يستطيع عمل مشروعه الخاص الذي يديره بنفسه لتحقق الخبرة لديه، وخاصة إذا علمنا أن مثل هذه المشاريع لا تكلف مبلغاً باهظاً وفي المقابل يوجد طلب شديد على الأيدي المهنية الحرفية في السوق السعودي، ولو أخذنا على سبيل المثال عندما تم توطين قطاع الاتصالات ظهرت الحاجة الملحة للأيدي الماهرة الوطنية من الجنسين وكذلك توطين محلات الذهب التي افتقدت النساء السعوديات ذوات الخبرة في هذا المجال.

ليس بالضرورة أن تبادر وزارة التعليم بتأسيس قسم ثالث في المرحلة الثانوية تحت مسمى «مهني» ولكن يكفي أن تسمح للقطاع الخاص بالتعاون مع الجهات المتخصصة مثل مؤسسة التعليم الفني والتدريب المهني ووزارة العمل على افتتاح معاهد ثانوية مدة الدراسة فيها ثلاث سنوات تشمل جميع التخصصات الحرفية مثل السباكة والكهرباء والنجارة وصيانة الجوالات والمشغولات الذهبية وجميع ما يستجد من مهن يتم توطينها لنضمن نجاح عملية التوطين من خلال التدريب عليها مسبقاً.وهذه المعاهد بالمناسبة كانت تعمل قبل خمس عشرة سنة وتم اغلاقها في قرار ارتجالي أضر بعملية سعودة الكثير من الحرف، فالمواطن لو رغب في الدخول إلى هذا المجال المهني لا يوجد جهة تقدم له التدريب المناسب حالياً.

رؤية المملكة أكدت على التوطين وتقليص نسبة البطالة ومثل هذه المبادرات تتوافق معها كما أن هذه الأعمال تدر دخلاً كبيراً لمن يمتهنها بشرط أن يمتلك المهارة، وهذا لن يتحقق إلا بتوفير الجهات التدريبية المناسبة.