أحلام القحطاني

لم تعُد طرق الدخل التقليدية هي المتاحة فقط، كما كان الحال في السابق، كالوظيفة الحكومية أو الخاصة بشتى أشكالها المعتادة، ولم يعُد توقيت المنبه والاستيقاظ صباحًا أحد أركان بعض الأعمال التي قد تُدرُّ على صاحبها وابلًا من الأموال ومصدر دخل عال، بل أصبحت هناك طرق أخرى للكسب أكثر فائدة وذات عائد وفير، لا تحتم على شاغلها عناء أو جهدًا أو حتى الخروج من المنزل، كما تفعل تلك الوظائف التي كانت في السابق، فمنصات التواصل الاجتماعي جعلت في بوتقتها مفاتيح لأبواب دخل جديدة، وذلك بعد التزايد الملحوظ للمتابعين لدى المشاهير الذين فرشوا بساط حساباتهم لشتى أنواع الدعايات، بطرق مباشرة وغير مباشرة، مع مراعاة فارق السعر بين الطريقتَين، فالإعلان غير المباشر أعلى تكلفة من المباشر، نظرًا لما قد يُحدثه في نفس المتلقي من تأثير أكبر، كما يعتقد البعض.

الجدير بالذكر أن مسألة مدى صحة وأخلاقية الإعلان المباشر من غير المباشر ما زالت جدلية، كون البعض يرى عدم المباشرة تُفقد المعلن المصداقية في الطرح، وتنفّر المستهلك من المادة المعلنة بعد اكتشاف ذلك، وهذا ما يسمّونه الخداع الذي قد لا يكون في صالح المشهور المعلن حتى لو كان قد استفاد ماديًا، فقد يخسر بعد ذلك شريحة كبيرة من متابعيه، والتي لا تُفضل هذا النوع من الإعلانات، وفي الجهة المقابلة مَن يرى أن الإعلان غير المباشر طريقة ذكية ذات تأثير قوي ومفعول سريع، ولا يجد في ذلك أي نوع من الاستغفال أو ما شابه، إذن هي حالة جدلية لا تخضع لقانون معيّن كي توقف هذا الفعل أو تجرّم مَن يقوم به، ولكن من باب أولى أن يُعرّف المعلن المستهلك أن هذه مادة إعلانية مدفوعة، ويترك جودة المنتج تحدّد مدى تأثيره وقوته، فالمنتج الناجح سيفوز في الحالتين، ولن يجد ما يحد من انتشاره أو تهافت الناس عليه لما يحمل من مواصفات جاذبة قبل الاستناد إلى طريقة إعلان تقليدية أو غير مباشرة.

هنا يأتي السؤال الأهم: إن كان هناك مَن يصدّق إعلانات المشاهير فما المدى والبعد الذي وصل إليه هذا التصديق؟!، وما النقاط التي يتبعها المتلقي لمعرفة مصداقية هذا وزيف ذاك، أم أننا بتنا لا نفرّق بين المنتج الجيد وغير الجيد، ونستند على التجربة التي قد تكون مريرة ومكلفة في أحيان كثيرة؟، وهذا ما قد يقع فيه الشباب والمراهقون منهم، كونهم يحبون الاكتشاف وخوض كل ما هو جديد؛ مما يجعل بعض المشاهير يغرسون أنيابهم في جيب كل أسرة لتتكاثر الثقوب وتتعسّر الأحوال المادية قبل نهاية الشهر مما لا تُحمد عقباه، فهل سيكون هناك قانون يحد من ذلك الاستنزاف، ويجرّم العبث في ميزانية الأسرة بطرق «لعوبة» ومراوغة، خصوصًا عبر تلك الإعلانات غير المباشرة التي أرى فيها تدليسًا وتضليلًا للمتابعين واستخفافًا بعقولهم، فنحن في زمن أصبح فيه المشاهد ذا نظرةٍ ثاقبةٍ يميّز فيها بين الأمور، ولكن الخوف على مَن لم يصل إلى هذا النضج بعد من الصغار والمراهقين، فبعض المشاهير يقبض ثمن الإعلان، ولا يُلقي بالًا لجودة المنتج ولا مدى نفعه وسلامته على المستهلك، فقد حجبت الأموال الطائلة التي يجنيها عن عينه وضميره ما قد يسببه ذلك الإعلان، فهناك شروط وضوابط يجب أن تُقام على مثل هذه التعاملات للحد من الغش والجشع والتلاعب برغبات الناس في سبيل رزق دنيوي قد يزول في لحظة، ويبقى الذنب والعقاب الإلهي يطارده في الدنيا قبل الآخرة.

11Labanda@