كلمة اليوم

لا شك في أننا نمر في هذه المرحلة بعملية انتقالية واسعة كخطوة تأسيسية أولى في مساق رؤية السعودية 2030، وهي العملية التي تستهدف تصحيح أوضاع الأسواق، وآليات عملها، وذلك للقضاء على الثغرات القائمة كالتستر، وهو الداء الذي طالما شكّل نزيفًا شريانيًا هائلًا لاقتصادنا، وسمح للعمالة غير المسؤولة بارتكاب أبشع الحماقات في أسواقنا كالتقليد والغش التجاري، وتزوير الماركات، وتقديم سلع مضروبة للمستهلك، ما كان لها أن تكون لو لم يكن التستر، والذي يشكّل العقبة الأولى في طريق رتق فتوق النزف المالي، ولمصلحة عمالة في الغالب هي لا تعمل في المهن التي استُقدِمت من أجلها، هذا إلى جانب تضخّم حجمها واحتكارها للسوق، وسد منافذ الفرص أمام أبناء الوطن الذين لن تكون فرص المنافسة في صالحهم، نظرًا لتفرغ العامل الأجنبي تمامًا لعمله، وتحلله من أي التزامات اجتماعية أو أسرية؛ لذلك كان لزامًا لنتحلل من هذا الواقع أن ندخل في مثل هذا المفصل التصحيحي؛ لتصويب حركة اقتصاديات السوق، وأوضاع العمالة الوافدة كخطوة أولى لتصحيح الاقتصاد، وسد ثغرات النزيف المالي، وهي مرحلة في غاية الأهمية؛ لأنها تشبه عملية التنقية أو الغربلة، ولا بد لأي اقتصاد يريد أن يتحرر من عثراته أن يعبرها بكفاءة، وقد مرّت بها كل الاقتصادات الدولية المتعافية؛ لأنها بمثابة المصل أو الجراحة الاقتصادية بالغة الضرورة؛ لضمان صحة الجسم الاقتصادي، وإعادة الحيوية إليه.

رحيل العمالة المخالفة والفائضة عن حاجة السوق قد يصوّره بعض المستفيدين منها على أنه مخاض غير محسوب، في حين أنه في واقع الأمر عملية تصفية لا بد منها؛ لتصحيح أوضاع أسواقنا التي سلّمت قيادها طويلًا للعمالة الأجنبية، وعملية تصويب لمنظومة فرص العمل ووضعها أمام الشباب السعوديين بدون وجود منافس يقبل بالحد الأدنى الذي قد يعوّضه بعضهم بانتهاك قوانين العمل، وتسويق البضائع المغشوشة؛ لذلك لا بد من أن تتضافر جهود الجميع لإنجاح مسارات التصحيح، وإنضاجها في أوانها الموعود، خصوصًا في ظل تلك الخطوات الثقيلة التي تم اتخاذها لبناء مرتكزات قاعدية متينة لتنويع مصادر الاقتصاد كمشروع نيوم والبحر الأحمر، والطاقة الشمسية، وغيرها؛ لأن تكاتف الجميع في القطاعين الخاص والعام سيؤمّن لنا بكل تأكيد الانتقال السريع إلى العمل على أرضية بيضاء يمكنها استيعاب طموحات البلد وقادته وشعبه، ليس فقط في الحفاظ على عضوية العشرين، وإنما منافسة الكبار في هذه المجموعة منافسة الأنداد.