د. علي البخيت

لم يعد تقييم شركات القطاع الخاص يعتمد على ربحيتها فحسب، أو بناء سمعتها على مراكزها المالية فقط، فقد ظهرت مفاهيم حديثة تساعد على خلق بيئة عمل قادرة على التعامل مع التطورات المتسارعة في الجوانب الاقتصادية والتكنولوجية والإدارية عبر أنحاء العالم، وكان من أبرز هذه المفاهيم مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات، وأصبح دور مؤسسات القطاع الخاص محوريا في عملية التنمية، وهو ما أثبتته النجاحات التي تحققها الاقتصادات المتقدمة في هذا المجال، وأدركت مؤسسات القطاع الخاص أنها غير معزولة عن المجتمع، وتنبهت إلى ضرورة توسيع نشاطاتها لتشمل ما هو أكثر من النشاطات الإنتاجية، مثل هموم المجتمع والبيئة، وإلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأضلاع الثلاثة التي عرفها مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة وهي النمو الاقتصادي والتقدم الاجتماعي وحماية البيئة.

ولزاما على المؤسسات تبني فلسفة المسؤولية الاجتماعية القائمة على النهج الاقتصادي-الاجتماعي، وأن نعلم أن الوطن ليس مشـروعا تجاريا قابلا للكسب والخسارة، وإنما هو عطاء وتضحية.

والمسؤولية الاجتماعية للشـركة تقع في المقام الأول على ما تقدمه من خدمة لموظفيها بتوفير الأجواء الصحية وسلامتهم وتهيئة البيئة الوظيفية المناسبة لهم، وبعد أن توفر الشركة كل ما يتلاءم لهم من حقوق تتجه الشـركات إلى تنفيذ برامجها المجتمعية والبيئية خارج الشركة للمجتمع المحيط بها، ومن المهم ألا تتخذ المنشآت قيامها بالمسؤولية الاجتماعية كوسيلة للدعاية أو المظهر الاجتماعي، بل يكون توجه المنشأة لأداء المسؤولية الاجتماعية نابعا من قيم أخلاقية راسخة تبنى عليها الاستراتيجيات والخطط والأهداف، الأمر الذي يجعل الاهتمام بها يسهم في تحفيز الموظفين ورفع مستوى الرضا الوظيفي في منشآت الأعمال؛ حيث تضفي هذه الإسهامات المقدمة شعورا بالرضا الذاتي على الموظفين، نابعا من إحساسهم في تقديم القيمة للمجتمع الذي يعيشون فيه.

وقضايا الحفاظ على البيئة تحتل الآن الصدارة في دائرة الاهتمام الدولي، حيث تعتبر من أهم مقاييس تقييم حضارة الأمم ومستوى تقدمها، ففرضت نفسها في العلاقات الدولية والتجارية، وأصبحت دراسة الأثر البيئي للمشروعات المزمع إقامتها أحد العناصر الأساسية لدراسة الجدوى في المشروعات، والتنمية المستدامة.

إن المسؤولية الاجتماعية حقيقة أصبحت أحد العوامل الجوهرية التي تؤثر على أداء المنشآت، وقدرتها على الاستمرار في العمل بشكل فعال.