محمد الحربي

يعد الشهر الماضي والذي شهد شهر رمضان المبارك وعيد الفطر أعلى الأشهر في معدل إنفاق استهلاكي للفرد في المملكة، من حيث الاستهلاك الغذائي بحكم أصناف الأكل في موائد الإفطار ولله الحمد أو الطاقة بحكم تغير نمط النوم بين أفراد العائلة أو الاستهلاك الترفيهي وكذلك الملابس في فترة العيد.

ومن المحزن ألا تنتشر لدينا ثقافة المستهلك الفطن والذي يقوم بدراسة نمطه الاستهلاكي في هذا الشهر؛ لمحاولة تجنب الإسراف من منطلق ديني إيماناً بقوله تعالى (إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُواْ إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ) أو من منطلق اقتصادي بحت؛ لمحاولة تخفيف الأعباء المالية لمشتريات كمالية أو زائدة عن الحاجة.

والترشيد في الاستهلاك هو سمة المجتمعات المتقدمة وسمة الأفراد الناجحين الذين لم يخضعوا لمغريات شكلية لا طائل منها وحافظوا على نمط استهلاكي سليم. والمجتمعات المتقدمة أيضاً هي من تقوم بنشر ثقافة الترشيد والمحافظة على المكتسبات ورفع درجة الوعي لدى عامة الناس حول أسس معالجة الأزمات الاقتصادية التي تضرب البلد أو على مستوى الفرد الواحد.

وبحسب مجموعة «ذا ايكونوميست» فإن السعودية تعد من أوائل الدول في العالم في الهدر الغذائي فقط والذي تقدر قيمته بما يقارب الخمسين مليار ريال سنوياً، وهو رقم ضخم ومفجع ومخيف حين نتذكر حديث المصطفى عليه السلام (يا عائشة أحسني جوار نعم الله؛ فإن النعم إذا نفرت قلما تعود).

وتقع المسؤولية الكبرى على الأفراد الذين بيدهم الحل والربط للمحافظة على أموالهم وتوفيرها من خلال عدم الإفراط في الاستهلاك، مع وضع التقديرات الخاصة لاحتياج الأسرة وكذلك الحرص ألا تكون ضحية للإعلانات التجارية التي تحمل المغريات.

لو قدر للفرد أن يراجع كافة سلوكه الاستهلاكي بشكل منتظم وبأسلوب مهني ودقيق لوجد منافذ كثيرة تساهم في توفير الكثير من الجهد والمال.