عيسى الجوكم

يمارس بوح النورس على المستطيل الأخضر.

يثرثر فنًا، ويصنع صخبًا، ويهوى لغة الإعجاز.

يرسم سرياليًا، وينحت في صخر الإبداع، ويغني ويرقص السامبا.

فراشة تحوم في بستان (برازيليا) لا تتعب ولا تكل ولا تمل.

حمل وديع متمارض في برشلونة، أسد زئيره يرعب السور والحاجز والحارس في باريس سان جيرمان.

فتى صغير، وعقل كبير على المسرح الأخضر، رغم خربشات الرسوم والكلمات في جسده.

سنه وليس شكله ورسمه يعود بذاكرة شعب السامبا للجوهرة السوداء الذي قاد منتخبهم لحمل كأس العالم في عمر الزهور.

أنيق لكنه لاذع، ضعيف لكنه ماكر، نحيف لكنه يشق الصفوف، ويمزق الشباك.

نيمار أحد الأسماء التي برزت في فضاء النجومية، وعمره لم يتجاوز الثامنة عشرة، ودخل في بورصة الكبار مبكرًا، فأصبح الضلع الثالث للدون وميسي، رغم أنه لم يقدم ما يشفع له بأن يكون أحد الأضلاع الثلاثة في بورصة النجوم والإعلام والشعبية.

معادلة نيمار أكثر وضوحًا من أقرانه ميسي ورونالدو وغيرهما، فهي ثابتة في آراء النقاد والجماهير.

سألت الكثير ممن تعمقوا في عالم المجنونة لسنوات طوال عن حالة نيمار وغيره ممن يبدعون مع المنتخب، ويخفقون مع أنديتهم والعكس صحيح.

كل إجابات المختصين ركزت على الجانب النفسي بعيدا عما يشاع من جوانب فنية مثل تغيير المركز أو اللعب في غير مكانه، أو عدم وجود لاعبين يدعمونه.

لكن نيمار المريض في الأندية، دكتور في البرازيل، يداوي ويجرح، حتى أصبح منتخب البرازيل في المونديال الحالي منتخب النجم الواحد.

نيمار أصبح حلم 200 مليون برازيلي، فهو بأقل مجهود أصبح في الصف الأول مع أساطير السامبا، لسبب بسيط جدا، وهو أن هؤلاء الأساطير عندما كانوا ينثرون الإبداع في المستطيل الأخضر، كان هناك من يشاركهم النجومية، بل ويتناوبون في اعتلاء القمة، أما الوضع مع الساحر الصغير المحظوظ فهو مختلف إلى حد كبير، ففي أغلب الأحيان يغرد وحده داخل كتيبة السامبا.

نيمار حكاية في بلد المليون نجم، لا تشبه الآخرين، باستثناء النجومية في وقت مبكر كما هو الحال مع بيليه، ولكن الحظ خدمه كثيرًا، فلم يكن المنتخب البرازيلي في حقبة ما يعتمد على نجم أوحد، كما هو الحال عليه في هذا المونديال.