صحيفة اليوم

فتح باب التوبة والإنابة، من أعظم نعم الله على عباده، فقد أمرهم بها ورغبهم فيها، ووعدهم بقبول توبتهم، وتبديل سيئاتهم حسنات رحمة ولطفًا منه بالعباد.

ومنزلة التوبة هي أول المنازل وأوسطها وآخرها، لا يفارقها العبد ولا ينفك عنها حتى الممات، وإن ارتحل إلى منزل آخر ارتحل بها واستصحبها معه، فهي بداية العبد ونهايته، ولذا خاطب الله بها أهل الإيمان وخيار خلقه، وأمرهم أن يتوبوا إليه بعد إيمانهم وصبرهم وجهادهم.

وشهر رمضان من أعظم مواسم التوبة والمغفرة وتكفير السيئات، فقد جعل الله صيامه وقيامه وقيام ليلة القدر على وجه الخصوص إيمانا واحتسابا مكفرا لما تقدم من الذنوب، ولذلك، كان المحروم من ضيع هذه الفرصة، وأدرك هذا الشهر ولم يُغفر له، فاستحق الذل والإبعاد.

وللتوبة ستة شروط لابد من توافرها لكي تكون صحيحة ومقبولة، أولها أن تكون خالصة لله تعالى وثانيها أن تكون في زمن الإمكان، أي قبل أن تطلع الشمس من مغربها، فإذا طلعت الشمس من مغربها، لم تنفع معها التوبة، وثالثها الإقلاع عن الذنب، فلا يصح أن يدعي العبدُ التوبة، وهو مقيم على المعصية ورابعها الندم على ما كان منه، والندم ركن التوبة الأعظم، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «الندم توبة» أخرجه ابن ماجة، وخامسها، العزم على عدم العودة إلى الذنب في المستقبل وسادسها، رد الحقوق إلى أصحابها والتحلل منهم، إن كان الذنب مما يتعلق بحقوق المخلوقين.

وينبغي على الصائم في هذا الشهر الكريم أن يتخفف من الأوزار، ويقلع عن المعاصي، ويتوب إلى الله توبة صادقة، وأن يجعل من رمضان موسما لتقويم أعماله، وتصحيح مسيرته، ومحاسبة نفسه، فإن وجد خيرا حمد الله، وإن وجد غير ذلك تاب إلى الله واستغفره، وأكثر من عمل الصالحات.