علي آل مخلص

ليس سهلًا أن تبدأ حياتك من الصفر، وقد يكون بالنسبة لبعضنا - قيمة إيجابية، بعكس مَن بدأ حياته مما دون الصفر.

وظهر برنامج «من الصفر» بصورة متفردة حكت عن ماض ممتلئ بعطر الحاضر ومكسو بعدل الحياة.

ثلاثون رمزًا بل قُل قصة جمالية كانت تزيّن المستقبل، مختصرة الحياة وواضعة إياها في بوتقة واحدة: «العسرُ لم يخلق مرّتين».

في برنامج «من الصفر» تعرّفنا على الجانب المخفي لأعظم نساء ورجال كان لهم الفضل بعد الله فيما نحن عليه الآن.

غير أنني وأنا أتابع مع مطلع شهر رمضان المبارك برنامج «من الصفر» الذي تعرضه mbc يوميًا، ويقدمه الزميل مفيد النويصر، شعرت بالفخر والزهو، وأحسستُ بأن ما تمنيته وتمناه سواي قد تحقق.

أولًا لأن البرنامج جاء مختلفًا ومبهرًا ومميزًا سواء فيما يتعلق بطريقة التقديم أو اختيار الضيوف وتنوّع نجاحاتهم وتوزعهم على مختلف أرجاء الوطن.

وثانيًا لأن البرنامج كان ولا يزال يتوخى في حلقاته، التأكيد على أن الإيمان والعصامية والصبر والجدية والبر والإخلاص هم مفاتيح التوفيق.

وقد نجح الزميل مفيد النويصر وفريق البرنامج في الوصول إلى شخصيات اعتادت أن تكون في الظل بعيدًا عن أضواء الإعلام، بل إن بعضهم يرفض الظهور في وسائل الإعلام نهائيًا.

كيف تبدأ حياتك من راعي غنم، أو بائع في بسطة، أو طابع في صحيفة، أو يتيم، أو فقير معدم، أو فرد في عائلة صعبة المراس وصلبة المبادئ؟ ستتعلم من خلال حياتهم البسيطة والصعبة في آنٍ معًا معنى آخر للحياة، وسترى بصيص ضوء لحياة لم تدركها حواسك من سرعتها، وكيف أن حياتهم هي أبطأ بألف مرة من حياتك أنت، لكنها بدت بلون مختلف لم نتذوقه أبدًا.

ستستمع لقصص يقصها الكبار بأنفسهم، هي بمثابة دروس منكّهة لم تتعلمها في حياتك برمتها.. ستتعرف على مجتمع بُني بالقِيم، أنضجتهم حياة البادية، وقوّاهم الفقر، وصقلهم العلم، والتحمت كلمتهم، وتُوّجت حياتهم بالعطاء والعلم.

إذا تراخت عزائمك ووجدت أن الحياة بدت تعطيك جانبها الأمرد، فتذكر أنّ من هؤلاء العمالقة ورواد العلم والأدب، مَن قرصه الجوع، ونام عاريًا في البرد، وأفنى وضحّى بحياته ليصل إلى ما وصل إليه الآن.. واليوم تكاد تكون حياته كقصيدة أو رواية أو قصة.. تخيّل لو كانت حياتك حلمًا ممتعًا تعيشه بالاكتشاف دون أن تعرف خباياه، مجازفًا فيه لا توقفك الظروف، بل هي مَن تدفعك!