واس - نيويورك

عرضت جوانب متعددة لإرثٍ عريق وحضارة ممتدة

احتضنت مدينة نيويورك الأمريكية فعاليات الأيام الثقافية السعودية، التي جاءت بمثابة إشعاع ثقافي للعديد من الجوانب الثقافية في المملكة العربية السعودية، ينقل صورا من حراكها المتفاعل مع المشهد العالمي، إلى جانب فنونها وإرثها العريق الممتد في قلب الجزيرة العربية.

الفعاليات -التي جاءت متزامنة مع الزيارة الرسمية التي يقوم بها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله- إلى الولايات المتحدة الأمريكية- عملت على جعل موروث المملكة وفنونها الأصيلة المختلفة نموذجا يجسد مدى التناغم مع الثقافات والشعوب، ويمثل الجوهر الفكري والحضاري لواقع المملكة.

وتحت عنوان «كلي» نظمت الهيئة العامة للثقافة الفعاليات التي تستمر حتى اليوم الجمعة، وتعرض جوانب متعددة للثقافة السعودية، ودورها في بناء الجسور مع الثقافات الأخرى وتحقيق مستقبلها المشرق في ظل الرؤية الطموح 2030.

ولطالما كان التأثير المقنع للفن كبيرا، وقوة يمكن أن تتجاوز جميع الحدود، ويوثق الصلة بين الشعوب متعددة الثقافات، ومن هذا المبدأ يتيح معرض «الفن السعودي المعاصر» الفرصة أمام الجمهور لخوض تجربة فريدة وتفاعلية يرون فيها ثقافة وموروث المملكة بأعين فنانيها، تهدف للوصول إلى صورة أكثر شمولية تعطي للمتلقي فرصة رؤية المملكة بمنظور «كلي».

وتزدان جدران المعرض بـ«القط العسيري» الأصيل، الذي يعد أحد الفنون السعودية الأصيلة، وتمارسه النساء -سابقا- لزخرفة الجدران الداخلية للمنازل، وأدرج مؤخرا في قائمة منظمة اليونسكو للتراث الثقافي غير المادي للبشرية عام 2017م.

الكثير من زوار الفعاليات من مواطني ومقيمي الولايات المتحدة استوقفتهم هذه الزخارف الملونة والمتداخلة وكأنها لوحة فنية أجاد في رسمها وزخرفتها فنان محترف، معربين عن إعجابهم بهذا الفن العريق، فيما ذهب البعض منهم للبحث عن كيفية نقل هذا الفن إلى منازلهم، أو تصميم لوحات جدارية بذات النسق.

كما تضم فعاليات الأيام الثقافية السعودية في نيويورك قاعة لعرض مجموعة من الأفلام التي أنتجها وصنعها شباب وفتيات من المملكة؛ لإبراز دورهم ومدى التطور الذي حققوه في هذا المجال، وتتضمن قائمة الأفلام المعروضة فيلما بعنوان «فضيلة أن تكون لا أحد»، يحكي قصة لقاء غير متوقع بين شاب فقد عائلته، ورجل كبير في السن، وما يدور بينهما خلال هذا اللقاء بحبكة درامية تقدم رسائل مباشرة للمتلقين، كما يحكي فيلم «حياة ملونة» تجربة أربع سيدات سعوديات من خلفيات اجتماعية متنوعة، بطريقة ملهمة وجذابة، وتضم قائمة الأفلام كذلك أفلاما أخرى، حصل البعض منها على العديد من الجوائز.

وفي ركن آخر من أركان الفعاليات، تتهادى إلى مسامع الحضور نغمات موسيقية تقدمها فرقة «ميزان» طوال أيام الفعاليات، ويشير اسم الفرقة إلى الرغبة في التوازن، وأن تكون وسيطا بين ثقافات مختلفة تتناغم جميعها في صوتٍ واحدٍ، مزج السلم الموسيقي الشرقي، بالسلم الغربي الحديث، كجسر بين الثقافة الشرقية والغربية، يدعو الجميع للتفاعل مع بعضهم البعض بشكل أكثر تناغما وانسجاما.

ويعرض قسم «الواقع الافتراضي» أفلاما تجسد الماضي الثري والحاضر المشرق والمستقبل الواعد الملهم للمملكة، وتتيح للحضور مشاركة هذه التجربة بتقنية «الواقع الافتراضي».

وبالتعاون مع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، سجل معرض «الجزيرة العربية» حضورا لافتا في الفعاليات، حيث يضم المعرض مجموعة كبيرة من الصور الفوتوغرافية التاريخية القديمة، التي ترصد ملامح المملكة.

وجاءت الفترة الزمنية التي التقطت فيها هذه الصور في فترة مليئة بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، فالتصنيع وحركة التنمية الوطنية الشاملة التي صاحبت ذلك غيَّرا من المنظومة البيئية السابقة للبلاد بشكل مستمر؛ ما جعل هذه الحركة العمرانية والحضارية الواسعة تؤثر على صور الحياة الواقعة في نطاقها.

ولعشاق القراءة موعد كذلك مع قاعة خصصت لهذا الشأن، حيث تتوفر في القاعة مجموعة كبيرة من الكتب الثقافية المتنوعة عن المملكة وفنونها وأدبها وتاريخها وتراثها وعن المناطق السياحية بها.

مواطنو ومقيمو الولايات المتحدة استوقفتهم الزخارف الملونة والمتداخلة وكأنها لوحة فنية أجاد رسمها وزخرفتها فنان محترف

بناء الجسور مع الثقافات الأخرى وتحقيق مستقبلها المشرق

عرض أفلام أنتجها وصنعها شباب وفتيات سعوديون

موروث المملكة وفنونها الأصيلة يجسدان التناغم مع الآخر