أحمد عبدالفتاح

على مدار عقود طويلة من الزمان، توالت وعود الولايات المتحدة الأمريكية بمشاركة أعمق مع دول القارة الأفريقية، ولكن كان مصيرها الفشل في أغلب الأحيان، لتظل فقط مجرد تصريحات جوفاء.

ومن بينها برنامج الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش الرائد لمكافحة مرض الإيدز، ومبادرة الرئيس السابق باراك أوباما للتصدي لفيروس إيبولا، إلى جانب مشروعه لإنتاج الطاقة الكهربائية من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص لتعزيز عمليات التنمية في أفريقيا.

ويشير تقرير لصحيفة «كريستيان ساينس مونيتور» الأمريكية إلى أنه في الوقت، الذي تسعي فيه الدول الأفريقية إلى تطوير اقتصاداتها، تراجع دور الولايات المتحدة إلى الهامش، وقفزت قوى أخرى وأبرزها الصين على الساحة الأفريقية لتتحول بمرور الوقت إلى أهم شريك أجنبي لدول القارة الأفريقية.

وبدأت الولايات المتحدة أخيراً، محادثات رسمية مع خمس دول وهي: إثيوبيا وجيبوتي وكينيا وتشاد ونيجيريا، في مسعى لاستعادة بعض من الدور الأمريكي ليس فقط كقوة أمنية قوية، ولكن بوصفها شريكا لديه قوى ناعمة.

ونوه التقرير إلى أن المحادثات تشمل أهمية الديمقراطية والحكم الرشيد واحترام حقوق الإنسان، فضلاً عن تجديد الوعد الأمريكي بالشراكة الاقتصادية مع أفريقيا، لا سيما في ضوء ما تسجله بعض الدول الأفريقية من معدلات نمو مثيرة للإعجاب، إلى الحد الذي جعل الكثير من خبراء الاقتصاد يسلطون الضوء عليها باعتبارها منطقة جنوب شرق آسيا الجديدة في العالم.

وتحذر الولايات المتحدة من نموذج التنمية الصيني، الذي تراه أمريكا يستنزف الثروات الطبيعية لأفريقيا، لا سيما المعادن النفيسة، بينما يجعل الكثير من البلدان عرضة للديون وبمستويات خطيرة في مقابل القليل.

ولكن يرى الكثير من المحللين، أن الولايات المتحدة جاءت متأخرة وبآليات لا تتناسب مع الواقع الأفريقي المعاصر. وعلاوة على ذلك، فمن المرجح أن يستقبل القادة الأفارقة تيلرسون بمزيج من التوق إلى المشاركة الأمريكية، وفي نفس الوقت بحذر وتشكك متصاعد بشأن رغبة أمريكا وقدرتها على لعب دورها القيادي التقليدي العالمي.

ويقول السيناتور الديمقراطي في مجلس الشيوخ الأمريكي كريستوفر كونز إن معظم دول العالم تتساءل عما إذا كانت واشنطن حقاً تمتلك القدرة والمبادرة والاستثمار للحفاظ على ما كان عليه النظام العالمي منذ الحرب العالمية الثانية.

ونوه كونز بأنه في أفريقيا وعلى وجه الخصوص، فإن قادة الدول يرغبون بمشاركة أمريكا ولكن في غياب انخراطها بقوة، يتحولون بشكل متزايد إلى الصين.

ويقول السفير الأمريكي السابق جوني كارسون إن ما تنشده دول منطقة جنوب الصحراء من الولايات المتحدة هو أن تتحول لشريك اقتصادي وتجاري واستثماري جيد.

وتنوه إلى أن الولايات المتحدة أطلقت مبادرة تجارية واقتصادية جديدة مع أفريقيا في عام 2000، ولكن النتائج لم ترق إلى مستوى الطموحات. وتضيف قائلة ما حدث هو أنه خلال السنوات العشر الماضية، لم تقم الولايات المتحدة بتوسيع انخراطها في الاقتصادات الأفريقية بالقدر الكافي الذي حققته دول أخرى.

فالصين وعلى مدى عقود استثمرت وساعدت في تطوير صناعات النقل، والتنقيب، والاتصالات، والزراعة في أفريقيا.

وبينما تميل الدول الغربية إلى ربط الاستثمار بشروط أخرى كإصلاح الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإن الصين تؤمن باتباع نهج اقتصادي غير مباشر تدعمه قروض منخفضة التكلفة. ونتيجة لذلك، تجاوزت بكين الولايات المتحدة كأكبر شريك تجاري لأفريقيا في عام 2009.