صحيفة اليوم

من الواضح أن هنالك جملة من الرسائل الضمنية، أفصحت عنها زيارة صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، إلى جمهورية مصر العربية مطلع الأسبوع الماضي، ومباحثاته مع فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي، والمسؤولين المصريين في كافة الملفات، ابتداء من ملف القمة العربية التي من المزمع انعقادها في الرياض في العشرين من مارس الجاري، ثم لقاءاته بشيخ الأزهر، والبابا تواضروس في الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، وزيارة أكاديمية الشباب، ودار الأوبرا، وفعاليات مسك المصاحبة للزيارة، وغيرها من النشاطات التي اكتظ بها برنامج الزيارة على مدى أيامها الثلاثة.

حيث كشفت تلك الرسائل، في المقام الأول، حجم التفاهم والتنسيق بين البلدين الشقيقين، واللذين يمثلان اليوم جناحي الأمة في مواجهاتها لتصحيح الجسد العربي، ومداواة جراحه النازفة. وكذلك بعثت برسائل الاطمئنان للمواطن العربي على أنه طالما بقي قلب هذه الأمة متعافيا فإن كل هذه الأحداث الجسام التي تمر بها بعض أقطارها مصيرها للحل، وزوال الغمة بفعل تضافر الجهود، والتنسيق المشترك.

كما وجهت من جانب آخر رسائل مماثلة إلى تلك القوى الإقليمية التي تعبث بأمن المنطقة، وتنتهك سيادة بعضها، والتي ظلت تمني النفس بفتور العلاقات بين هذين البلدين بالذات، وتعمل جاهدة -عبر إعلامها- لاختلاق القصص والأكاذيب في محاولات يائسة لضرب هذه العلاقة القوية بين المملكة ومصر؛ لأنها تدرك أن تحويل البحر الأحمر إلى محيط للخلافات هو المدخل الحقيقي لضرب سر صمود هذه الأمة، لكن فات على هؤلاء أن قيادات البلدين بجيناتها العروبية لن تكتفي بمد جسر سلمان عبر هذا البحر، ولا بتأليف «نيوم» الحلم من أراضيهما مع الأردن الشقيق، وإنما ستجعل من هذا البحر الذي يفصلهما جغرافيا جدولا لعلاقات الود والصفاء واتحاد المواقف.

ولعل مما يضيف على أهمية هذه الزيارة للقاهرة، أنها جاءت قبيل زيارة سموه الكريم إلى العاصمة البريطانية لندن، والتي ملأت أصداؤها الآفاق، مما يؤكد أيضا أن ثمة تنسيقا ليس فقط على المستوى العربي، وإنما حتى في الموقف مع الغرب، وبما يعزز من قوة القرار العربي، ويصب في النهاية في صالح قضايا الأمة، وهذا ما جعل خط الرياض القاهرة لندن، والذي عبرته السياسة السعودية خطا مليئا بالتطلعات والآمال العريضة التي ستؤتي ثمارها بعد حين.