صحيفة اليوم

كلمة اليوم

ما الذي يحدث في لبنان؟ وهل هذا البلد في حاجة لنيران الفتنة التي يجري الإعداد لها على قدم وساق، دون أية اعتبارات لهشاشة هذا الكيان أصلاً؟ فشل في التوافق على الرئيس الجديد، ومساومات الأحزاب والقوى السياسية لا تنتهي ولم تنته، واعتصام في قلب العاصمة يقترب من العام ونصف العام، وإضراب يتأجج بفعل الغلاء احتجاجاً يستثمره من ليس بحاجة لصب الزيت على النار. باختصار شلل يضاف إلى قائمة المشلولين الحاليين والتماثيل المنصوبة علناً أو في الخفاء. اللعبة التي تتم على الأرض اللبنانية ـ باسم الإضراب أو الاحتجاج ـ تحمل أكثر من وجه، لأنها تستثمر الوضع الاقتصادي وتدرجه في لعبة الروليت الجارية، التي ليست إلا عبارة عن تشجيع على الانتحار السياسي الذي قد يدفع البلد كله ثمنه الباهظ، إذ لم يبد ـ حتى الآن ـ أي مؤشر على أن النخبة السياسية اللبنانية لم تستوعب بعد كارثة الحرب الأهلية التي جرت في سبعينيات القرن الماضي. ليس هناك ما هو اسهل من التدمير والتخريب، عود ثقاب واحد كفيل بإنجاز المهمة بكل جدارة، مقارنة بالوضع الفسيفسائي الراهن في لبنان، والاتهامات المتصاعدة، ويبدو ان، الجميع يرون في دون كيشوت المقبل وسيلة للتعمية والتغطية على مكامن الخلل الأساس في اللعبة السياسية والطائفية والإقليمية وصراعاتها وخفاياها. مشكلة لبنان أنه شرفة لتصفية الخلافات، وأن الرئيس المصري الراحل أنور السادات سبق الجميع حينما دعا قبل أكثر من ثلاثين عاما إلى احترام الإرادة اللبنانية وقال قولته الشهيرة :»ارفعوا أيديكم عن لبنان» وهو ما يبدو ضرورياً أن لبنان بعد كل هذه السنوات بحاجة إليه بشدة. ومهما كان الثمن, الوضع العربي يتطلب أن يكون هذا البلد حراً في خياراته، وحراً في سيادته، وآمنا دون استثمار تركيبته الدينية والعرقية لمصلحة أي تيار عربي أو إقليمي أو عالمي. من مصلحتنا كعرب، أن نحافظ على هذا البلد، وعلى استقلاله وعروبته، لأننا لا نريد أن تنضم بيروت إلى قائمة ضحايا الصراعات والأهواء والنزاعات، يكفيها أن سقطت قبلاً، لكنها استعادت نفوذها من الاحتلال، ويبقى أن تتحرر من العدو الداخلي.. وما أكثره!