صنداي تايمز البريطانية

سباق نووي في الشرق الأوسط

التاريخ ذاخر بقصص ذات نتائج غير مقصودة . وأحدث هذه القصص قصة النفوذ المتنامي لإيران في الشرق الأوسط . حسب النتيجة التي توصل إليها معهد رويال للشؤون الدولية ، فإن إيران تعد المستفيد الرئيسي من الحرب على الإرهاب في الشرق الأوسط . فالولايات المتحدة وبريطانيا تغوصان في مستنقع من الحروب في العراق وأفغانستان ؛ في حين أن طالبان ، عدو إيران القديم ، مخبول برجال المظلات . وباكستان ، التي باعت سراً إلى طهران ، عن طريق عالمها النووي المنشق عبد القدير خان ، تكنولوجيا نووية أثبتت أنها أقل من حليف مخلص للغرب. وحزب الله ، المليشيا الإيرانية المسلحة في لبنان ، حطم الثقة الإسرائيلية في قدرتها العسكرية التي بدت ذات يوم أنها لا تقهر . منذ ثلاثة أعوام ، عندما أرعب غزو العراق حكام طهران ، ظهرت إيران كقوة مؤثرة من خلال انتهاز الفرصة و سوء تقدير أعدائها . كيف يمكن توقع أن تأخذ إيران بمحمل الجد تهديدات مجلس الأمن بالأمم المتحدة لفرض عقوبات اقتصادية عليها هذا الأسبوع لرفضها وقف تخصيب اليورانيوم .. العملية التي يمكن استخدامها لصناعة وقود لطاقة نووية واستخدامها أيضاً كمادة للقنابل ؟ظهرت اللامبالاة الإيرانية الأمس عندما افتتحت إيران رسمياً « مرحلة جديدة « في محطة انتاج الماء الثقيل على الرغم من معارضة مجلس الأمن والوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تعتبر الهيئة العالمية للتفتيش على المنشآت النووية . وطبقاً لتقرير جدير بالثقة ، فإن مسؤولاً إيرانياً ذكر أن المحطة تعمل منذ شهر مضى . هناك محطات مماثلة تستخدمها كل من الهند وإسرائيل وباكستان وكوريا الشمالية لتحويل اليورانيوم إلى بلوتونيوم لصناعة القنبلة النووية .من الواضح أنه على الرغم من إدعاء الإيرانيين بحقهم السيادي في الحصول على طاقة نووية « سلمية « ، فإن الوكالة الدولية للطاقة الذرية لم تنقل شكوكها فيهم إلى مجلس الأمن ببرهان جيد . نحن نأمل فقط أن تكون طهران قد احتالت على نفسها. هذه لعبة تنطوي على مخاطر عالية ، نتائجها بعيدة تماماً عن دائرة اليقين . في مرحلة ما قد تقرر أمريكا أو إسرائيل أن الخطر قد استفحل حجمه وأن الهجوم العسكري بات خياراً لا مفر منه . ولأن القنبلة النووية لا تزال حسب الاعتقاد على بعد خمس سنوات من ولادتها ، فإن احتمال وقوع هجوم في الوقت الراهن ضئيل . إيران ورئيسها محمود أحمدي نجاد ، الذي لا يمكن التنبؤ بتصرفاته ، ربما يظنان أنه بإمكانهما استثمار انشقاق مجلس الأمن بين صفوفه واستخدام الأصدقاء القدامى مثل الصين وروسيا لتجنب أية عقوبات . قد يكونا على صواب تام في هذا الظن . فقد ألمح سيرجي إيفانوف ، وزير الدفاع الروسي ، بأن موسكو لن تؤيد فرض عقوبات . أما جون بولتون ، سفير أمريكا لدى الأمم المتحدة ، فإنه يتحدث عن فرض عقوبات من خلال « تحالف الإرادة « . ولكن من الذي لديه استعداد لفرض العقوبات ويرغب في نجاحها ؟ شيمون بيريز ، نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي ، يبدو أنه يعتقد بأن إيران ستذعن تحت الضغط . ولكن من الصعب أن نرى كيف يمكن تشجيع إيران على التراجع عن قرارها آخذين في الاعتبار مواردها النفطية وانشقاق مجلس الأمن . يبدو أن الولايات المتحدة ليس لديها أي خطة فعلية من أجل ذلك . لقد جعل بوش الأوروبيين يتولون الأمر بحثاً عن حل دبلوماسي مثلما يفعل توني بلير وجاك شيراك خلال أيامهما المتبقية قبل رحيلهما من المنصب . لقد أظهرت فرنسا مرة أخرى الضعف الأوروبي بترددها في إرسال جنود إلى لبنان.الغرب في مواجهة مع دولة تبدو عازمة كل العزم على الحصول على أسلحة نووية. هناك قلة تشكك في أن القنبلة الإيرانية قد تقود إلى سباق تسلح نووي في الشرق الأوسط . في نفس الوقت ، تتخبط الدبلوماسية وتبدو العقوبات بعيدة الحدوث على الرغم من أنها ليست بعيدة مثل بعد وقوع ضربة عسكرية ذات خطر كبير من الفشل وذات يقين من توحيدها البلاد في وقت يبدو شبابها أكثر استعداداً لاحتضان قيم غربية . مرت 27 سنة منذ أن فقد الغرب إيران أمام قواها الثورية الجديدة . هذه القوى عملت على تغييرالسياسة الدولية ؛ والغرب لا يزال يناضل من أجل التعامل معها . أليس الأمر مضحكاً إن لم يكن مخيفاً بشدة ؟