أحمد الوباري- الاحساء

500 ريال للمهر.. ونساء يحرسن «العروس» ليلا

اتسمت مراسم الزواج في محافظة الاحساء بطابع تراثي مميز لها قديما ، وكانت مراسم الزواج بسيطة ويشارك فيها كل أهالي الحى أو البلدة التي تشهد الزفاف ، كما لم تكن الأعباء المادية تثقل كاهل العريس كما هو عليه الحال الآن (الاحساء اليوم) التقت بعدد من الشيوخ الذين كشفوا عن مظاهر الزواج قديما والاختلاف بينه وبين الزواج في الوقت الحالي . إيجاب وقبولأحمد ابراهيم المقهوي من بلدة الكلابية ويبلغ من العمر 82 عاما يقول إن قصة زواجه بدأت بسؤال والده له عما إذا كان يرغب في الزواج ، وعندما ابدى له موافقته على ذلك طلب منه الاستعداد للزواج ، ويوضح المقهوي انه في ذلك الوقت كان يعمل في شركة ارامكو، بعدها ذهب مع والده برفقة المطوع الى منزل أسرة العروس وكان عمره لا يتجاوز 25 عاما والعروس 15 عاما وتم العقد ، ويضيف المقهوي ان العقد في هذه الفترة لم يكن يزيد على الايجاب والقبول ولم تظهر في ذلك الوقت ضرورة لتسجيل العقد في المحكمة أو تحرير أوراق رسمية مثلما هو عليه الحال الآن ، يقول المقهوي إن مدة العقد قبل الدخول استمرت 3 اشهر وتم فيها شراء مفرش من القطن بـ 60 ريالا بالإضافة الى بعض التجهيزات الخفيفة وكان المهر الشائع للزوجة في ذلك الوقت حوالي 500 ، وبالنسبة لمهر زوجتي فقد كان 570 ريالا أو أكثر من ذلك بقليل وكلفة الزواج بالكامل 1250 ريالا، ، ويؤكد أن الزوج في هذه الفترة كان لا يرى زوجته إلا في ليلة الزواج ، اما مراسم الزواج فتستمر 7 ايام يقوم خلالها العريس بالاستحمام بنفسه بدون مساعدة ، مشيرا الى أن الفرح يتضمن العرضة وفنون شعبية مختلفة ، ويقوم أهل البلدة بمرافقة العريس إلى منزل العروس ويجلس فى انتظارها الى أن تأتي العروس بصحبة اثنتين من النساء تحملانها بواسطة فرشة بحيث تحل كل امرأة الفرشة من أحد جوانبها وإذا كان عليها حراسة ينتظر العريس حتى تذهب الحراسة التي قد تتراوح بين ساعتين و3 ساعات ، بعدها يغلق الباب ويخرج العروسان في الصباح لتلقي التبريكات ، وبعدها يتناول الجميع وجبة الغداء وهى الوجبة الثانية التي يتم إعدادها حيث يتم ذبح بقرة أو جمل وكيس ارز ، وبعد الغداء يذهب العريس بمصاحبة بعض الأهل والأصدقاء الى بيت العروس ، حيث يتم إدخال العروسة الي الغرفة وشقيقتها أم امها تمسك بيدها وتستمر التبريكات لمدة 7 ايام وفي اليوم السابع يزف المعرس الى بيته بعد أن ينام في بيت العروس 7 ايام. غداء وعشاءاما على حسين الخواهر من مدينة العمران فيقول إن تكلفة الزواج في هذه الايام كانت لا تزيد على 1500 ريال فقط ، مشيرا الى أن هذا المبلغ يشمل المهر ويصل الى 400 ريال ، مؤكدا ان هذا المهر في ذلك الوقت كان كبيرا جدا ، كما يشير الى أن هذا المهر كان يعتبر كبيرا في ذلك الوقت نظرا لأنه كان يعمل في أرامكو ، وشمل المهر تجهيز الغرفة و(الضيفة) وهى عبارة عن 3 وجبات من بينهم وجبتا غداء ووجبة عشاء ، وكان ذلك يتطلب ذبح 3 رؤوس غنم وجمل ويتم دعوة أبناء البلد عن طريق الطرق على أبواب المنازل مشيرا الى أن عدد المدعوين من الرجال في ذلك الوقت لم يكن يزيد على 170 رجلا ، وفي ظهر يوم الزواج يذهب العريس الى بحيرة الثبر الكبير وهى بحيرة كبيرة في بلدة التوثير للاستحمام بمساعدة مجموعة من الشباب وبمرافقة العرضة ، وبعد الانتهاء من الاستحمام يزف العريس أيضا على حمار والعرضة امامه حتى يصل الي بيت أسرته وتكون والدته فى استقباله مع نساء البلدة ويرمى على رأسه الحب الشمسي والنقود المعدنية ويقوم الأطفال بتجميعها وبعدها يخرج العريس للصلاة ثم تقام العرضة ، وبعد تناول وجبة العشاء يزف العريس إلى منزله في انتظار العروس حيث تقوم مجموعة من النسوة بحمل العروس على سجادة أو بطانية الي منزل العريس ، أما إذا كانت المسافة كبيرة فيتم زفاف العروس على حمار والنساء يصفقن خلفها حتى تدخل الى منزل زوجها ، ويجلس مع العريس والعروس محارم الزوج من أخواته وخالاته وعماته ويسهرن معها حتى الصباح ويعطي العريس العروس الصباحية وبعدها تنصرف المحارم قبل أن تأتي العرضة وتزف العريس مرة أخرى الى مكان التبريكات ، وبعد صلاة الظهر يزف العريس مرة اخرى بواسطة العرضة الى بيته ، وفي العصر تأتي العرضة مجددا وتصاحب العريس مرة اخرى الى مكان التبريكات ، وتجمع النساء النقوط للزوج في صحن ، وتسمي المرأة اسم صاحب النقوط ، اما الزوجة فتجمع حبة الرأس وهى عبارة عن مبالغ من المال تحصل عليها العروس بأن تجلس على كرسي وتقدم لها من ترغب في تقبيل رأس العروس مبلغا من المال . عقدة النكاحويحكي عبد الله بن مسلم المسلم ( 52 عاما ) من بلدة الطرف عن تجربته فيقول إن خطوبته وعقد النكاح (الملكة) تمت في نفس الليلة، وفي الليلة الثانية تم الزواج ، ويشير المسلم إلى أن الاستعداد للزواج تضمن الاغتسال في أحدى العيون الاحسائية الشهيرة ، وبعدها يزف العريس بصحبة العرضة الى بيت أحد الاصدقاء لتناول القهوة ، ومنه الى منزل العروس للملكة أو للدخول على زوجته ، وبعد الانتهاء من الملكة يذهب الى المسجد لصلاة ركعتي شكر ، وبعد الصلاة ترافقه العرضة الى منازل الاصدقاء أو الاقارب للحصول على الهدية أو تعطيره ثم يذهب الي بيت العروس للملكة أو الدخلة ، ومن مراسم الزواج رمى المشموم (الريحان) من قبل الوالدة على العريس وإقامة العرضة الشعبية الخاصة بأهل البلد ، ويقوم أحد الحضور بتجميع النقطة باستخدام طبلة مفتوحة من الجانبين وهدف النقوط هو دفع أجر النساء اللائي يقمن بإحياء مراسم الزواج ، يشير المسلم إلى ان المهر في فترة زواجه كان يتراوح بين 300 إلى 400 ريال ، وفي زمن والده بين 60 و80 ريالا، وكانت الوليمة تقتصر على ذبح بقرة او ناقة وتستمر فترة الاحتفال بالزواج بين 4 و7 أيام . جلسة طربعبداللطيف القصيمي من مدينة الهفوف يحكي قصة الزواج قديماً و يقول مضى على زواجي 44 سنة و كان المهر آنذاك 5 آلاف ريال فقط و تكلفة الزواج كاملة مع المهر 8 آلاف ريال أما الآن فالمهر فقط أكثر من 50 ألف ريال و يكلف الزواج فوق 150 ألف ريال ويقول إذا جاء يوم الزواج يؤخذ المعرس إلى عين أم سبعة و يسبح، بعد الاستحمام يذهبون إلى المجيرسي و هو عبارة عن جلسة طرب ويوجد فيها عود و غناء ، و ليس كل المعاريس يعملون المجيرسي ولكن المقتدر فقط و قبل غروب الشمس يذهبون به إلى بيتهم وبعدها يتناول المدعوون وجبة العشاء و يتم تجهيز هذه الوجبة من قبل أبناء الحي بواسطة قدور ( إناء ) كبير جداً حيث كان المدعوون يأتون بإناء صغير إلى مكان الطبخ و يأخذ رز و لحم لبيتهم و لا يوجد من يتكبر و كانت طريقة الدعوة هي أن يطوف أحد رجال الحي على البيوت و يطرق الباب و يقول لهم عشاكم في الليلة الفلانية و الليلة الفلانية بيت المعاريس و كان الطبخ في ذلك الوقت بالسعف و جذوع النخيل ، و بعد صلاة العشاء تكون الطيبة وهي أن يعزم المعرس في بيتين أو أكثر من أجل وضع الطيب ( العطر ) له قبل دخوله على زوجته ثم يُذهب به إلى بيته و في منتصف الليل يزفونه بالعرضة على عروسته في بيت أهلها بعد أن يكون قد جهز المعرس الفراش الذي يأخذ وقتا طويلا في (المندفة) لتسويته كغرفة النوم في هذه الأيام و يحضر إلى بيت أهل الزوجة قبل 2 أو 3 أيام و في ليلة الزفاف يقوم أهل الزوج بتعطيره بثلاثة أنواع من العطور و بعد أن يُزف المعرس يدخل إلى الغرفة في انتظار العروس التي تقوم الرغيدة ( و هي احدى النسوة اما من الأقارب و غير الأقارب تقوم بتزيين العروس مقابل مبلغ من المال ) و إحضارها إلى المعرس بواسطة سجادة توضع العروس في وسطها و تحمل إلى المعرس و البعض يقوم بإكرام الرغيدة.طقوس الزواجأما ناجي عبدالله الصقر من المبرز ( 40 عاماً ) فيقول إن مراسم الزواج في المبرز هي نفسها التي في الهفوف كما سمعتها من والدي يرحمه الله و عندما كنت صغيراً كنت حريصاً على حضور ذبح البقرة أو الجمل و إن كان في الفجر حيث كان الجزار يعطينا جزءا من الكبدة و نشويها و نأكلها و كذلك كان الناس يتجمعون في مكان الطبخ و يشعر بحقيقة الزواج آنذاك و يقدم الزوج في صباحية الزواج هدية للزوجة تسمى رشرش وهو عقد كبير من الذهب و في نفس اليوم تأتي العروس و تقبل رأس أم العريس و تقدم أم العريس هدية للعروس ، و يوجد نقوط و هذا النقوط إما أن تأخذه الطقاقة (النسوة اللاتي تضرب الطبل) أو أم العريس و ذلك حسب الاتفاق ، ويشير الي أن النساء اللائي يحضرن الزفاف من النساء كن ينقسمن الى 3 اقسام المدعوات ويجلسن وسط حوش المنزل ، والمهاتير وهن النساء اللائي لم تتم دعوتهن ويحضرن للمشاهدة وقوفا من بعيد ، والقسم الثالث هن الفتيات من بنات المدعوات وكن يشاهدن الاحتفال من الدور العلوي ، ويضيف الصقر أن العروس قبل زفافها بفترة تتراوح بين 3 و7 ايام كانت تختفي عن الأنظار كأن تذهب الى بيت جدها أو بيت أهلها وهى عادة كانت راسخة في تلك الايام.
الاستعداد لوليمة الزفاف
زفة العريس