الخبر

نظرة المجتمع القاصرة تشعرهم بالعزلة

رغم مساعدات الحكومات في العالم كله - المتقدم منها والنامي - لذوي الاحتياجات الخاصة في شتى بقاع الأرض من خلال سن قوانين وتشريعات خاصة بهم وتهيئة أفضل الظروف لهم - حسب وعي كل مجتمع - ليتمكنوا من ممارسة أنشطتهم كبقية أفراد المجتمع إلا أنهم مازالوا يواجهون مشكلات عديدة في مجالات مختلفة, لاسيما داخل مجتمعاتهم.ويأتي في مقدمة المشكلات نظرة المجتمع القاصرة التي تسدد إليهم كلما بدوا في أي مكان أو زمان التي تعيق إمكانية اندماجهم بشكل طبيعي مع أفراد المجتمع التي أيضا تحتاج إلى توعية وفهم إمكانية هؤلاء ومقدرتهم على التعايش والاندماج مع مجتمعاتهم بشكل طبيعي .. بمعنى أن يمارسوا حياتهم التعليمية والنفسية والاجتماعية وهواياتهم كأشخاص عاديين .. لأنه مهما كانت إعاقتهم لا تمـــنعهم من التكيف مع مجتمعهم لاسيما إذا توافرت الإمكانيات والاحتياجات الخاصة بهم من مراكز تعليمية وتأهيلية وخدمات عامة وتعامل عادل مع الأشخاص الطبيعيين.وهنا يأتي دور الأسرة - قبل أية جهة أخرى - في تقييم فاعلية برامج التربية الخاصة المقدمة لابنها المعاق حيث تعد المحرك الرئيس في استجابة المجتمع لحاجة أبنائها, وفي الدفاع عن حقوقهم. فكلنا نؤمن بدورنا تجاه هذه الفئة العزيزة .. ولكن الإيمان بالشيء ليس كمثل العمل به... وإيماننا بدورنا تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة لا يتعدى مرحلة الإيمان فحسب حيث لم تزل النظرة القاصرة والإعاقة الحقيقية في عقلية البعض منا حينما نلتقي بأحدهم حيث دون قصد أو لقلة الوعي نسدد نظراتنا السلبية تجاههم.. اعتقادا منّا بأنها الأصح في التعامل معهم .. في حين أنهم أحوج إلى نظرتنا المعتدلة التي تمنحهم الثقة في أنفسهم .. وفي طاقاتهم التي تخترق العادة أحيانا وتحقق مالم يحققه الأصحاء منّا. فالصم مثلا مازالوا يعانون الاندماج الكامل في المجتمع لوجود حاجز التخاطب المباشر, لأنه ليس لديهم رصيد لغوي يتواصلون به مع المجتمع في المنزل وفي العمل والشارع أو حتى المشاهدة التلفزيونية. ولتعديل هذا المنحى الخاطئ من واجبنا تجاه هؤلاء - على أقل تقدير - يجب إيجاد بيئة على المستوى الرسمي تستطيع التحاور بصورة واضحة مع الأصم إذا راجع إحدى الجهات الرسمية كالمحاكم الشرعية أو غيرها حتى يؤمن وصول كلمة المراجع الأصم إلى المعنيين بصورتها الصحيحة وبالعكس.. وهذا أقل ما يمكن أن نقدمه تجاه الأصم. ولا شك في أن اندماج المعاق جسمانيا في المجتمع العادي يعتمد على إجراء بعض التعديلات الطفيفة في بعض المباني والمرافق العامة والطرقات .. والأهم من ذلك كله أن تدرك الأغلبية انه من الطبيعي جدا التعايش والعمل جنبا إلى جنب مع أفراد يواجهون تحديات جسمانية كبيرة. ولكي نعطي ذوي الاحتياجات الخاصة حقهم في ممارسة حياتهم بشكل طبيعي دون حواجز تعيق تواصلهم معنا وطريقهم في التمتع بحياة طبيعية لا يشعرون فيها بالإهمال أو الملل فنحن بحاجة إلى تفعيل دورنا الراكد تجاههم والاهتمام بهم بأن نجدهم بيننا في كل مكان وزمان في المجالس والوظائف التي تناسب قدراتهم وفي كل مناسبة أيضا, وهذا أقل ما يمكن أن نمنحهم إياه.جامعي دون وظيفةخليفة العبدالله (خريج جامعي) إعاقة بسيطة في القدم اليمنى .. يقول: لم أجد أي اهتمام يذكر بالمعاق, وإن كانت إعاقته بسيطة مشيرا إلى أنه تخرج في الجامعة قبل أكثر من أربع سنوات وبحث خلالها عن وظيفة لكنه لم يجدها لاسيما في مجال التعليم - كمعلم - الوظيفة التي طالما حلم بها وكافح من أجلها وسهر الليالي لكنه فوجئ بأن الأبواب كلها أغلقت في وجهه بذريعة الإعاقة. وأضاف: عندما تقدمت بطلبي لوزارة التعليم ورفض - في وقت قبل فيه آخرون وفي مجال التعليم تحديدا ولديهم نفس إعاقتي - عندها أظلمت الدنيا في وجهي ولم أر شيئا .. وبعد أيام وكنت حينها متعبا نفسيا استأنفت رحلة البحث عن وظيفة - أية وظيفة - وطرقت الكثير من أبواب المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص لكن لم أجد أية وظيفة .. فقررت البحث عن وظيفة في المؤسسات الصغيرة .. فوجدت وظيفة متواضعة في إحدى المكتبات الصغيرة كبائع للكتب براتب 1200 ريال واستمررت في الوظيفة لمدة عام تقريبا على أمل أن احصل على وظيفة لكن طبيعة العمل في المكتبة لم تتح لي فرصة البحث عن وظيفة كون ساعات العمل على فترتين صباحية ومسائية .. فقررت ترك العمل رغم الحاجة الماسة اليه.. وبعد ترك الوظيفة قررت استقدام عمال للقيام بأعمال الترميم والصيانة .. فحصلت على مبلغ متواضع من أخوتي ووفقت في استقدام أربعة عمال وبدأت العمل مكونا مؤسسة صغيرة .. لكن سرعان ما فشل المشروع بسبب ضعف رأسمال المؤسسة الذي لم يساعدني على استمرارها فتم إغلاقها خلال فترة بسيطة من إنشائها وجلست دون عمل رغم ظروفي العائلية الصعبة. حامد سعدي (كفيف) .. يقول في حديث جميل له يميل للغة العربية الفصحى في معظم الأحايين متحدثا عن حياته في ظل الإعاقة: رغم الإعاقة التي حرمتني من أشياء كثيرة إلا أنني استطعت تجاوزها بأن تعلمت أشياء كثيرة كالطباعة على طريقة برايل وغيرها.. ووظفت هذه المعارف في مشاريع كثيرة حيث أصبحت وبعض زملائي نطبع بعض الملازم الطلابية ونقدمها للطلاب المكفوفين الدارسين في الجامعات أو ندرس المكفوفين من كبار السن .. وهذه الأعمال في مجملها تضفي على حياتنا شيئا من المتعة والمرح حيث ننسى معها أنفسنا وتنسينا الإعاقة. وفيما يتعلق بحياته الشخصية تحت سقف منزله قال: الظروف المحيطة بي جعلتني أعتمد على نفسي في مختلف شئون الحياة وألا انتظر المساعدة من أحد إطلاقا حيث استطعت تجاوز الإعاقة في الكثير من الأمور التي أراها ضرورية في حياتي ... فمثلا تعلمت كيف اعد الطعام واشعل النار واعمل الشاي واكوي ملابسي وانظفها واتصل بالهاتف وكل شيء .. وساعدني على ذلك ثقتي في نفسي وإصراري على تحدي الإعاقة واستطعت خلال فترة وجيزة أن أحقق لنفسي الشيء الكثير .. وهذا بفضل الله ثم بفضل التشجيع المتواصل من قبل الأهل والأقارب والأصدقاء الذين لم يبخلوا علي بشيء لاسيما الدعم المعنوي.نتمنى ترجمة ما يدور حولنامحمد علي وخالد سالم ( صديقان أبكمان) يعتمدان في كلامهما على لغة الإشارة, التي لم استطع فهمها وأتمنى تعلمها لأكون أكثر قربا من هؤلاء الذين يعرف عنهم الطيبة ورقة الإحساس .. لكن محمد رياض (معلم في معهد المعاقين) كان حاضرا حينها وأنقذ الموقف وشارك في تحويل لغة الإشارة إلى كلمات مفهومة قد قالا: نحمد الله على كل شيء وليس ثمة ما نتمناه سوى ترجمة ما يدور من حولنا من أحداث وبرامج تلفزيونية حيث نشعر - والكلام لهما - بأننا في عزلة عن المجتمع وما يدور فيه وننتظر من المسئولين في التلفزيون السعودي أن يطلعونا على إنجازات مملكتنا الغالية وما يعيشه العالم من حولنا.وأضافا: يجب أن يفهم المجتمع من حولنا أن المعاق ليس مريضا عضويا وإنما هو إنسان يمكن له أن يعطى البديل المفقود ويمكن أن نحوله من إنسان عاطل إلى إنسان يفيد مجتمعه ويستفيد وهو أيضا مشيرين إلى أن إيجاد مناخ مناسب للمعاق - حتى ينتج ويكون إنسانا فاعلا ضمن أنشطة المجتمع - ليس بالأمر السهل وليس بالصعب أيضا لكنه يحتاج إلى الكثير من المساعدات التي تتناسب وإعاقته .. وهو أمر طبيعي أن يحدث طالما أننا دخلنا دائرة الآلة والتكنولوجيا التي لا تتطلب عادة جهدا كبيرا.وأثنيا على الجهود الكبيرة التي تبذلها الدولة بقيادة - صاحب القلب الكبير - الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - في سبيل إقامة المراكز والمؤسسات التي تتولى رعاية شريحة مهمة في المجتمع وهي شريحة ذوي الاحتياجات الخاصة التي تسعى في كل وقت من اجل إسعاد هؤلاء والعمل على راحتهم والحرص على تأهيل أعضائها بشكل مناسب حتى يتمكنوا من العيش براحة في المجتمع ومعايشة الإعاقة ومحاولة التغلب عليها ما أمكن.وفي سؤال لمحمد السيد مهتم بشئون ذوي الاحتياجات الخاصة عن المسببات التي تجعل الانسان معاقا .. قال: قبل أن نصل إلى استعراض الأسباب التي تحدث الإعاقة يكون من المناسب القول ان الفارق بين كون الشخص قوي البنية وكونه معاقا هو غالبا فارق نسبي وليس نوعيا ولأسباب عملية تفسر الإعاقة بأنها صعوبة في إنجاز أعمال هي في عرف الوسط الاجتماعي وبالنسبة إلى العمر والجنس ضرورة في الحياة اليومية وبما في ذلك العناية بالنفس والعلاقات العامة والنشاط الاقتصادي.ولاشك في أن لذوي الاحتياجات الخاصة الحقوق نفسها في النمو والثقافة والعمل والإبداع والحب كما لسائر الناس .. وفي غياب هذه الحقوق فإن عجزهم سيتفاقم بلا مبرر .. بفعل انعدام الفرص والمسؤوليات التي من حقهم امتلاكها.وأضاف: من واقع الدراسات والإحصاءات التي قامت بها الأمم المتحدة في دول العالم حول ذوي الاحتياجات الخاصة والأسباب التي غالبا ما تكون سببا مباشرا في حدوث الإعاقة تم رصد مجموعة من الأسباب التي يعتقد أنها المسبب الرئيس لحدوث الإعاقة.اسباب الاعاقة- سوء التغذية: يعد المسبب الرئيس للإعاقة حيث يمكنه إضعاف الجسد والعقل او كليهما .. بالنسبة للأم أو طفلها أو الاثنين معا أثناء الحمل أو ما بعده. والأطفال هم اكثر عرضة للإصابة حيث يفقد حوالي مائة مليون طفل بصرهم سنويا نتيجة قلة الرعاية ونقص في فيتامين (أ).- الأمراض: ان الأمراض الوراثية والمعدية وغيرها تصيب بالعجز نحو 156 مليون شخص أي ما يوازي 3 في المائة من سكان العالم.- التخلف العقلي: هناك ما يتراوح بين 1 في المائة وأربعة في المائة من سكان العالم البالغين متخلفون عقليا .. وتقدر منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص المتخلفين عقليا بأربعين مليونا.- المرض النفسي: يعاني 40 مليون شخص خللا وظيفيا نفسيا ويحتل المرضى النفسيون ربع مجموع أسرة المستشفيات .. وأن شخصا من كل عشرة يقاسي مرضا نفسيا في إحدى مراحل حياته .. وفي أي وقت يعاني مالا يقل عن واحد في المائة من سكان العالم خللا نفسيا خطيرا. - الخلل الخلقي: ويقدر ضحاياه بمائة مليون شخص.- الحوادث: يقدر عدد الإصابات في حوادث السيارات بنحو ثلاثة ملايين سنويا نصفهم إصابات بالغة تنتهي إلى العجز.- في البيت: يصاب 20 مليون شخص سنويا بجروح خطيرة في حوادث تقع في المنزل وتلازم 100 ألف منهم إعاقات دائمة.- الصمم: إن نحو 70 مليون شخص في العالم يعانون إما صمما أو ضعفا شديدا في السمع.- العمى: إن حوالي 42 مليونا مكفوفون أو يعانون عاهة بصرية .. والتراخوما وهو أحد أوسع الأمراض انتشارا في العالم .. ويتراوح عدد ضحاياه بين 400 مليون و500 مليون .. مليونان أو ثلاثة منهم مكفوفون بينما يعجز ثمانية ملايين آخرون عن كسب الرزق .. اما مرض العمى النهري فعدد ضحاياه 20 مليونا و 500 ألف منهم لا يرون إطلاقا بينما يعاني عدد مماثل ضعفا شديدا في الرؤية.- الشلل المخي: ويقدر عدد ضحاياه بـ 15 مليونا حول العالم.- الجذام: وينزل بنحو 15 مليونا .. ربعهم يعاني عجزا خطيرا.- الصرع: ويصيب 15 مليونا.المجتمع والمعاقونوقال: إن المعاقين يحتاجون من المجتمع الذي يعيشون فيه إلى تعامل معين .. ولعل للمواقف التي يتخذها الناس تجاه الشخص المعاق من الأهمية بحيث لايمكن الإقلال من شأنه.وقد ثبت أن المعالجة الحديثة لمسألة العجز ترتكزعلى الفكرة القائلة إن الناس قد يولدون بضعف ما أو يصابون به في حياتهم إلا أن مواقف (أقوياء لبنية) هي التي تحول ذلك الضعف إلى إعاقة.وقد يكون ضعف المصاب بشلل الأطفال مثلا انه "لا يستطيع المشي" إلا أن موقف المجتمع والنظرة السلبية قد تجعل هذا الضعف "عجزا عن كسب الرزق" كما أن الافتراض الشائع بأن الشخص الأصم متخلف عقليا عامل محطم اكثر من الإعاقة نفسها.الأمن والانتماءواضاف:الطفل المعاق - كغيره من الأطفال - يحتاج لأن يشبع داخله حاجته إلى الشعور بالأمن والانتماء وإحساسه الدائم بأنه محبوب ومرغوب رغم إعاقته.. وإشباع هذه الحاجة سيساعد كثيرا على التوافق مع ظروفه وتخطي معظم الصعوبات التي يمكن أن تصادفه خاصة إذا حرص أبواه على الإيحاء إليه وبشكل عملي أنهما يؤمنان بقدراته ومدى استطاعته تحقيق ذاته رغم عجزه فهو قد لا يكون بطلا في كرة اليد أو الكاراتيه مثلا ولكنه يستطيع أن يكون مبدعا في أشياء تتوافق وإعاقته كالكتابة أو الرسم أو العمل على الحاسوب أو غير ذلك.
رغم الاعاقة يمتلكون الابداع
فقدان البصر لم يعيقه التعامل مع الاجهزة الحديثة